Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


لبنان كدولة من دول الاستبداد في الخريطة الشرقية

انضم لبنان منذ مدة الى الدول الاستبدادية مع المحافظة على خصوصيته في هذا المنحى.

الأحد ١٥ يناير ٢٠٢٣

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

 أنطوان سلامه- اذا كانت الدولة الاستبدادية تعني القمع من حاكم أو سلطة، فإنّ الدولة الاستبدادية في لبنان تتخذّ منحى يُغايرالمألوف، باعتبار أنّ "المُستبد" خفيّ، فتارة هو جهة تمتلك الأكثرية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وطورا هو حزب أو جهاز أو تحالف أو وصي خارجي، وعموما يوصف "المُستبد اللبناني" ب "المنظومة" التي تحتاج الى جهد كبير في التحديد.

والأكيد، أنّ الاستبداد في الدولة اللبنانية يتلوّن طائفيا وسياسيا، بحيث أصبح لكل جهة طائفية-سياسية جهازها الأمني، وممثلوها -المنفذون في الدوائر الرسمية وهذا ما يتضح في القضاء الذي يرتبط عدد من أعضائه بمرجعيات زمنية وروحية بشكل فاضح.

هذا التجاذب الطائفي السياسي في الدولة حوّلها الى حالة استبدادية تتمثّل أولا في حكم "الأقوى سيطرة"، وثانيا  في استنسابية المقاربات من الملفات المهمة والمصيرية ،مثل ملف ترسيم الحدود مع اسرائيل حين تنازل لبنان عن حقوقه لأسباب مجهولة وبغطاء سياسي من أبرز أجنحة المنظومة، وتتمدّد الاستنسابية في ملف الفساد عموما، وانفجار المرفأ تحديدا الذي تحوّل التحقيق فيه الى صراع طائفي، وتجاذب سياسي يمنع التحقيق المستقل في "جريمة العصر" التي فجرّت مجلس القضاء الأعلى من الداخل نتيجة الخلافات، بخلفيات "زبائنية"،تمثلت في التخبط والانقسامات والتباينات داخل الجسم القضائي نفسه، بما يفضح التدخلات السياسية والتلاعب السياسي بالسلطة القضائية، وهذا ما يرفع مستوى التدخلات الخارجية، أوروبيا، في ملف مصرف لبنان، وبريطانيا في قضية شحنات نيترات الأمونيوم التي دمرّت مناطق واسعة من  بيروت في أعنف انفجار غير نووي في التاريخ.

لم يكن توقيف الناشط وليام نون والإفراج عنه، من دون معرفة شفافة لدوافع اعتقاله وأسباب تحريره الا محطة في سلسلة تربّع لبنان على قائمة دول "القمع" أو الاستبداد.

باعتقال نون، بصورة غامضة وملتبسة، ينخرط لبنان كليّا، في إطار الدولة القمعية، وهي الدول التي تتربّع على خريطة الإقليم، من إسرائيل وصولا الى إيران مرورا بتركيا والعراق وسوريا والأردن، امتدادا الى أفغانستان، من دون إهمال دول عدة، عربية واسلامية.

واعتقال نون نقطة في بحر الاغتيالات والتصفيات وفبركة الملفات القضائية، التي عرفها لبنان بعد نهاية الحرب الأهلية، خصوصا بعد العام ٢٠٠٥،ولم يتحرّك القضاء بشأنها، تحقيقا أو حكما، ولعلّ انفجار مرفأ بيروت "التدميري- الكارثي" خير مثال على عبور لبنان الى دول " اللاعدالة"، بتعبير آخر دول الاستبداد التي لا تعطي أهمية لأي حدث، وتطور، وحراك، الا من الزاوية الأمنية، أو المصلحية التي تصب في خانة المتحكّم، أكان شخصا، أو حزبا، أو منظومة من التحالفات السلطوية.

فإذا كانت إسرائيل التي قام كيانها على "الاغتصاب" منذ العام ١٩٤٧،لم تحد عن خطها القمعي- الاستبدادي  في مواجهة الناشطين الفلسطينيين، فإنّ نظامها في "التمييز العنصري" وفي أدائها الوحشي في "التهويد" أصبح مثالا في "التمييزي الطائفي والقومي" في دول إقليمية عدة.

ففي إيران تتواصل الاعدامات وقمع الانتفاضة " النسائية والشبابية" من دون أن تلوح في الأفق استكانة، خصوصا بعد تعيين الجنرال أحمد رضا رادان رئيسا للشرطة، المشهور في قمع "الحركة الخضراء" العام2009  وهي إشارة تبشّر باستمرار الحملة القمعية التي تشنها السلطات الإيرانية على الاحتجاجات والتي شهدت حتى الآن مقتل ٤٨١ متظاهرا واعدامات عدة.

وفي مصر يتواصل قمع الناشطين ومثّل اعتقال علاء عبد الفتّاح (البريطاني-المصري) من دون محاكمة عادلة، عنوان التعسّف الذي يتزامن مع أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة نتيجة انهيار العملة الوطنية المصرية وارتفاع منسوب "العسكرة".

وتوثّق التقارير الأممية انتهاكات واسعة لحقوق الانسان بطابع طائفي وقومي وميلشياوي في العراق، مع تسجيل التدهور في سيادة القانون. وتخطت  ممارسات الميلشيات المحسوبة على المنظومة المتحكّمة، في قمع المحتجين الشباب، ممارسات داعش في انتهاكاته الفظيعة لحقوق الانسان، فتمادت الميلشيات المُستحدثة في القتل المتعمّد لأهداف سياسية إضافة الى عمليات إعدام وخطف من دون أي تدخل قضائي رسمي.

وبرزت تركيا كدولة قمعية خصوصا بعد "محاولة الانقلاب" على الرئيس رجب طيب أردوغان العام 2016،فتناول التضييق والسجن الاعتباطي والنفي صحافيين ورجال فكر ودين، إضافة الى التوسع العسكري المشبوه بممارساته الميدانية في سوريا والعراق.

ولا يمكن تفصيل خروق حقوق الانسان في سوريا قبل الحرب وخلالها، باعتبار أنّ "القمع اللامعقول " يرتبط بتاريخ سوريا الحديث.

وتقترب المملكة  الأردنية  أكثر الى لائحة الدول الاستبدادية  بعدما استهدفت السلطات قادة الاحتجاجات والمعارضين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة للسيطرة على الاحتجاجات المعيشية الآخذة في التصاعد منذ العام 2019.

ويواجه معارضو الرئيس التونسي قيس سعيّد في انقلابه الدستوري، ومأزق حكمه في مواجهة الازمة الاقتصادية القوية، تضييقا واضحا، من دون أن نهمل الممارسات الوحشية المتعددة الأطراف في ليبيا،  والقمع الصامت في المغرب في نظامه المُغلق، والسودان في تخبط سلطته العسكرية.

ويبقى اغتيال جمال خاشقجي عنوان " الاستبداد السعودي" الذي يختصر حالة خليجية تتوسّع الى اليمن في حربها المتوحشة ، في وقت تتطرف طالبان في استبدادها في أفغانستان.

لا ينعزل استبداد هذه الدول عن الدول الغربية، فالولايات المتحدة الأميركية تغطي الاستبداد الإسرائيلي، وباركت أنظمة مستبدة وحالات قمعية في العراق وأفغانستان، في حين أنّ روسيا انغمست في حرب سوريا كقوة تدميرممنهج، وتواصل الصين وفرنسا وبريطانيا، كدول في مجلس الامن، في ترسيخ العلاقات مع دول الاستبداد انطلاقا من مصالحها التي تتخذ بعدا جديدا بعد حرب أوكرانيا وأزمة الطاقة.

وإذا كانت قوة الاستبداد في الدول الشرق أوسطية معروفة وواضحة، فإنّ قوة الاستبداد في لبنان ضبابية ، لذلك يصعب تحديدها، ويبقى انفجار المرفأ كجريمة ضدّ الإنسانية والاغتيالات التي حصلت منذ العام ٢٠٠٥ الدليل الساطع على غياب الدولة "الآمنة" وتغييبها لصالح أطراف في المنظومة التي تتحمّل مسؤولية دفع لبنان الى لائحة الدول المستبدة.


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :45830 الأربعاء ٢٤ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :42707 الأربعاء ٢٤ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :42267 الأربعاء ٢٤ / يناير / ٢٠٢٤
معرض الصور