Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


أول مرة يتمرد البطريرك على قرار رسمي منذ العام ١٩٢٠

تميّز بيان بكركي ضدّ قرار "الساعة" التي اتخذه الرئيس ميقاتي بمفارقة تاريخية لا بدّ من التوقف عندها.

الأحد ٢٦ مارس ٢٠٢٣

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

أنطوان سلامه- يشكل قرار "كسر" أو رفض التقيد بقرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تجميد تأجيل الساعة حسب التوقيت الصيفي ، الذي صدر من بكركي بتوجيه من البطريرك الراعي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البطريركية المارونية منذ العام ١٩٢٠.

أول مرة يدعو البطريرك الماروني الى عدم التقيد والالتزام بقرار صادر عن السلطة التنفيذية أو التشريعية أو حتى القضائية، بل يدعو الى معاكسته والعمل حسب اعلان بكركي.

لم يُسجّل في تاريخ البطريركية المارونية هذا النوع من الدعوة الى العصيان ولو المحدود.

برغم من الصلاحيات التي تعطيها قوانين الأحوال الشخصية للمرجعيات الدينية إضافة الى الأعراف، فإنّ البطريرك الماروني لم يحد عن التزاماته تجاه النظام العام في تطبيقه.

فما الذي حصل؟

يمكن القول إنّ ما صدر عن بكركي لا يغترب عن المسار الطائفي في البلاد منذ تأسيس الكيان على أساس طائفي، ولكن من النوادر أن تقفز بكركي من المعارضة الى العصيان.

بيان بكركي واضح في اتهام الرئيس نجيب ميقاتي بالارتجال وعدم التشاور والإضرار ،وهذا النوع من الانتقاد عرفته عظات الأحد منذ البطريرك صفير، وشددت عليه بيانات مجلس المطارنة الموارنة، ورسائل البطريركية الموسمية، لكنّه من النادر جدا، أن يدعو بيان يصدر من بكركي الى عدم الالتزام بقرار رئيس الحكومة ، وأكثر، تقديم "فتوى" أو اجتهاد مبرّر مقدمة لقرار بطريركي يشمل " البطريركية" أولا و"الأبرشيات والمؤسسات التابعة لها" للالتزام بتقديم الساعة خلافا لقرار رئيس السلطة التنفيذية.

من كتب بيان بكركي تأنى، دعا المؤسسات الكنسية الى "العصيان" من دون الرعية المارونية ككل، أي المواطنين اللبنانيين من الطائفة المارونية، ولاقاه في هذا التوجه المطران الارثودوكسي البارز الياس عودة، وأسقفيات من الروم الكاثوليك.

لا بدّ من العودة الى التاريخ لتحديد "ندرة" بيان بكركي الصادر في "ليلة السبت - الأحد 25-26 آذار 2023".

منذ تأسيس لبنان الكبير عارض معظم البطاركة الموارنة " السلطة التنفيذية" من دون الخروج عن "أصول" اللعبة الديمقراطية التي تسمح بالاعتراض من دون السماح بالانقلاب أو العصيان.

فالبطريرك الماروني أنطون عريضة بارك " الثورة البيضاء" العام ١٩٣١ ضد الشركة البلجيكية -الفرنسية للكهرباء والتراموي " وأيد مطالب مزارعي الدخان، فشجع اللبنانيين على مقاطعة "ركوب التراموي وإنارة الكهرباء" للضغط على الشركة تخفيض أسعارها.

بارك البطريرك ودعم تظاهرات ساحة الشهداء وشجع على المقاطعة لكنه لم يدعو مرة واحدة الى "الخروج" عن قرارات سلطة الانتداب الفرنسي أو الانقلاب عليها، وعلى رغم معارضته الشديدة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية في عهد الانتداب لم يصل الى ما وصل اليه البطريرك الراعي من دعوة " الى تمرد" الإدارات الكنسية.

في عهد الرئيس كميل شمعون عارض البطريرك بولس المعوشي بشدة الانضمام الى حلف بغداد ولكن تحت سقف الموقف الديمقراطي  الواضح، وبأسلوب الموقف عارض البطريرك المعوشي الرئيس فؤاد شهاب في سنواته الثلاث الأخيرة في الحكم، وتميّز البطريرك صفير الذي عارض بقوة عهدي الرئيسين الياس الهراوي واميل لحود أيّ " خطوة انقلابية" ضدهما برغم مباركته "مقاطعة الانتخابات النيابية " ودعوته الشهيرة لخروج الجيش السوري من لبنان، وحين توجس البطريرك صفير من السياسة الاقتصادية التي يعتمدها الرئيس رفيق الحريري فتح له أبواب الصرح للاستماع اليه.

اذا، عارض البطاركة تاريخيا السلطة التنفيذية في تحولات استراتيجية ووطنية عامة، فهل يستأهل "تأخير الساعة" هذا البيان "التمردي" الصادر من بكركي.

أولا، لإيجاد الجواب، علينا أن نقارب صورة البطريرك الراعي، فهو على عكس البطريركين المعوشي وصفير، فهو بطريرك أسقفي أكثر منه سياسي، لا يزال يتصرف في البطريركية مع رعيته كأسقف وهذا ما يجلب له الانتقادات الكثيرة.

لذلك، ربما انتفض على القرار الصادر عن ميقاتي بمباركة الرئيس نبيه  بري ودفعه، من زاوية "كنسية- راعوية"كما أشار اليها بشكل أوضح المطران عودة. فالبلبلة التي تحدّث عنها بيان بكركي ستصيب " الرعايا" في الاحتفالات الدينية التي تشهد ذروة مشاركة المسيحيين فيها، في الشعنية والجمعة العظيمة وأحد القيامة.

هذا لا يعني أن الخلفية السياسية تنتفي في بيان بكركي.

لا يمكن فصل هذا البيان عن إطاره الزمني الذي يتزامن مع إدارة الرئيس نبيه بري لمجلس النواب في دورته الانتخابية بشكل يخالف إرادة البطريركية الداعية فقط الى الالتزام بالدستور وبنوده.

ويأتي البيان بعد إشارة الرئيس ميقاتي الى تناقص عدد المسيحيين في لبنان مع القراءات المتعددة لهذه الإشارة.

ويأتي أيضا في ظل تخوف البطريركية المارونية من العمل الممنهج على تغيير وجه لبنان الحضاري، وكان ينقص التوجس من الثنائي بري- ميقاتي ما أعلنه الأمين العام لحزب الله عن "القرض الحسن" كنموذج يحتذى.

في كل ما ذُكر، نستخلص من بيان بكركي، مهما قيل فيه، إيجابا أو سلبا، أنّه علامة فارقة في تاريخ البطريركية المارونية وعلاقتها بأركان دولة لبنان الكبير.

 


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :45800 الثلاثاء ٢٣ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :42677 الثلاثاء ٢٣ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :42236 الثلاثاء ٢٣ / يناير / ٢٠٢٤
معرض الصور