Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


أيّهما أفعل انتفاضة الحجارة أم طوفان الأقصى؟

تدخل حرب غزة منزلقات خطيرة مع إعطاء بنيامين نتنياهو أوامره لجيشه للتحضير لمعركة رفح.

الخميس ٠٨ فبراير ٢٠٢٤

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

أنطوان سلامه- تشدّد قيادات في حماس والجهاد وفصائل المقاومة الإسلامية الأخرى بأنّ أهم ما أحدثته عملية " طوفان الأقصى" أنّها أعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة العربية والدولية.

السؤال البسيط: هل كانت هذه العملية الوسيلة الوحيدة لإحياء هذه القضية، وبهذا الثمن الباهظ والرهيب؟

لا يمكن القفز فوق "الوحشية الإسرائيلية" في محاولة الإجابة عن هذه الإشكالية، وهي وحشية تاريخية في التعامل مع الحقوق الفلسطينية المعروفة .

يأخذ البحث اتجاها الى وسيلة مقاومة هذه الوحشية والدفاع عن الحقوق الوطنية.

هناك منطق يشدد على أنّ إسرائيل لا تفهم الا بالقوة، لكنّ القوة درجات ووسائل، تُقاس بنتائجها لا بالنيات. الحساب في استعمال القوة واجب والتزام.

في قياس نتائج عملية طوفان الأقصى(حتى الآن) أنّها "كارثية" على الناس في قطاع غزة  في حين أنّ الانتفاضة الفلسطينية الأولى(١٩٨٧) فاعلة في مسار التعابير عن الحقوق الفلسطينية المشروعة، فأسست لحل الدولتين الذي عاد طرحاً دوليا وعربيا، نتيجة حرب غزة. لم تختلف طبيعة "التوحش" الإسرائيلي بين الثامن من كانون الأول العام ١٩٨٧ وبين السابع من تشرين الأول العام ٢٠٠٣ ،اختلف التعبير "الفلسطيني" في مواجهة هذا التوحش.

في الانتفاضة الأولى كان " الحجر" هو الوسيلة في مواجهة "الظلم" المتراكم لعقود ولم يكن "السلاح" فقط. ضمّت الانتفاضة الأولى كل أطياف الشعب الفلسطيني بانتماءاته السياسية، في انتفاضة عفوية استمرت سنوات، في حين أنّ رعاة عملية الطوفان فرضوا خياراتهم على الصف الفلسطيني.

 في الانتفاضة الأولى، برزت الوحشية الإسرائيلية في "تكسير عظام الأطفال" رماة الحجارة، وتجسدّت الوحشية الآن في جعل غزة " أرضا محروقة" على غرار حروب العصور الهمجية.

لم يتراجع أطفال فلسطين عن رمي الحجارة في وجه الجنود المدججين بالسلاح الا في العام ١٩٩٢،حين بدأ حلّ الدولتين يتبلور في اتفاق أوسلو(١٩٩٣).

في الخلفية التاريخية لهذا الاتفاق ومساره، بعيدا من تقييمه سلبا أو إيجابا، يتمثّل أداء إسرائيلي متواصل، من الاعتداء(منذ النكبة) والاستيطان، والتعسّف، والعنصرية التي تعاظمت بعد النكسة لتتحوّل الى ممارسات "متوحشة" في انتزاع حق الحياة الكريمة للفلسطينيين من خلال تهويد أرضهم، واعتقال مناضلينهم ، أفرادا وجماعات، ومصادرة ثرواتهم، وسحق حقوقهم، وحصار منظمة التحرير التي كانت تمثّل الشعب الفلسطيني، فوجد فلسطينيو الداخل أنفسهم محاصرين ومضطهدين ومنسيين ومهمّشين حتى في القمم العربية، تحديدا قمة الأردن العام ١٩٨٧،  فتقلّص الاهتمامان العربي والدولي، في صياغة مبادرات إنقاذ شعب أعطى إشارات " الرفض" من خلال عمليات فدائية، واشتباكات متفرقة، الى أن انفجر البركان الفلسطيني، من فوهة قطاع غزة، حين عاد عمال فلسطينيون الى القطاع من الأراضي التي تحتلها إسرائيل، فدهس مستوطن يقود شاحنة، العابرين، عند حاجز إيريز-بيت حانون  المخصّص للمشاة، فقتل أربعة عمّال وأصاب آخرين، ولاذ بالفرار.

من جنازات "الشهداء" انطلقت الانتفاضة، من الضفة الغربية الى غزة، فقمعها الجيش الإسرائيلي بالرصاص قبل أن تتوسع الى تظاهرات ومسيرات واشتباكات عكست وحدة الشعب الفلسطيني في اختبار يوميّ ،وفي مواجهة شاملة وتلقائية الى أن انتظمت في "اللجان الشعبية" التي لا صبغة سياسية أو اقليمية عليها، بل انخرط فيها من تنطلق تظاهرته من باحة كنيسة أو حرم جامع أو مقر حزبي، فحوصرت المعابد، من كنيسة القيامة الى المسجد الأقصى، والبارز أنّ موعد خروج الطلاب من المدارس أصبح نقطة اليقظة الأمنية الإسرائيلية، أو شرارة مواجهات الجيل الفلسطيني الفتي مع الآلة العسكرية القمعية. اتخذت الانتفاضة مسحة "اللاعنف" في رمي الحجارة أو في مقاطعة المنتجات  والإدارة الإسرائيلية والاضرابات، أي العصيان المدني، فبادرت هذه الإدارة الى حظر اللجان الشعبية لأنها "تهدد أمن إسرائيل".

هزّت التظاهرات الحاشدة، وصور الفتيان بالكوفية يرمون الحجارة، ومشاهد تشييع الشهداء، الرأي العام العالمي فتحرّكت ديبلوماسية نادي الدول الكبرى. لعب الفتى الفلسطيني والأم الفلسطينية دورا بارزا في إحياء القضية ونصرة الأسرى الى جانب الصحافة الفلسطينية التي نمت في دائرتها دوريات وصحف و مجلات ومنشورات عدة، تتابع  أخبار الانتفاضة وإنجازاتها، ولمعت في الشوارع الجداريات المعبّرة تحدياً ومقاومة، والملصقات، وصدحت أصوات المتظاهرين الغاضبين بالهتافات والأناشيد والأهازيج الداعية الى الوحدة والتحرّر، لكنّ الحجارة(النقيفة) بقيت السلاح الأكثر شهرة في هذه المرحلة من تاريخ القضية الفلسطينية والرمز الأكبر للمقاومة الى جانب سلاح بدائي هو " المولوتوف"( قناني حارقة) والدواليب الحارقة لإقفال الطرق الحيوية...

في هذه المرحلة وصل  عدد الفلسطينيين في المعتقلات الى الآلاف(١٠٠ألف) من دون امتلاكهم حقوق " الأسير" أو حتى المعتقل، وتساوى في الاغتيال والاعتقال  ناشطون من فتح وحماس وفي مقدمهم الشيخ أحمد ياسين. وتحت سقف هذه الانتفاضة، تحركت كتائب عز الدين القسام فخطفت الضابط الإسرائيلي نسيم طوليدانو (١٣ كانون الأول ١٩٩٢) في مقابل الافراج عن الشيخ المؤسس، وحين لم يُستجب الطلب أعدمته ورمت جثته على الطريق، وهذا كان السبب في إبعاد قيادات من حماس والجهاد الى منطقة مرج الزهور في لبنان فجذب إبعادهم كاميرات وسائل الاعلام.

يشير هذا السرد الاستعادي الى تظهير المشهد الفلسطيني بين انتفاضة الحجارة وبين تداعيات "طوفان الأقصى"، وفي الحالتين تدخلت الولايات المتحدة الأميركية كقوة ضبط، بطرق مختلفة، لم تنقل أساطيلها بل جندّت ديبلوماسيتها في رعاية مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، نهاية العام ١٩٩٢،بمشاركة عربية، لكنّ هذه المفاوضات ارتطمت بالجدار الإسرائيلي الى أن دخلت النروج على الخط مقدمة لاتفاق أوسلو أو اعلان المبادئ الفلسطيني – الإسرائيلي الموقع في البيت الأبيض كحدث عالمي كبير تمثّل بمصافحة عرفات ورابين، في وقت كان العنوان الإقليمي والدولي هو مؤتمر مدريد للسلام.

في المقارنة أيضا، تحركت انتفاضة الحجارة من دون دعم خارجي، فكان قرارها فلسطينيا صافيا ، في حين تتداخل حاليا، في حرب غزة، خطوط متشابكة من المصالح والمحاور.

جذبت انتفاضة الحجارة أنظار العالم بشكل بناء، ونادر، وتحوّلت الى أنموذج لعمل المقاومة يوضع الى جانب انتفاضات غاندي ونلسون مانديلا وليش فاليسا... لا يمكن المقارنة بين عدد ضحايا ودمار الحرب على غزة وبين الانتفاضة. كان الحجر أقوى من الصواريخ فالحجارة من أرض فلسطين...

وكانت الانتفاضة أفعل في مواجهة التوحش الإسرائيلي، وأقل خسارة. كانت الطريق الى التزام أميركي ودولي وعربي بحلّ الدولتين.

في الانتفاضة غابت المحاور لصالح محور واحد: فلسطين.


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :53091 الخميس ٢١ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :50005 الخميس ٢١ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :49392 الخميس ٢١ / يناير / ٢٠٢٤
معرض الصور