أنطوان سلامه-لا تزال الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن عرضة للالتباسات الكثيرة وللرصد المتنوع المصادر.
الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٩
أنطوان سلامه-لا تزال الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن عرضة للالتباسات الكثيرة وللرصد المتنوع المصادر.
الرئيس الحريري الذي تحولت زيارته من عائلية الى محادثات رسمية التقى حتى الآن شخصيات-مفاتيح في الإدارة الاميركية، منها وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل العارف جيدا بتفاصيل الواقع اللبناني، ومساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الاوسط ديفيد شنكر الذي يجيد قراءة العلاقة العضوية بين لبنان وصراعات المنطقة، ويبقى أنّ لقاءه مع مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغزلي اجتماع مفصليّ في الزيارة الحريرية لجهة البحث في العقوبات الاميركية على حزب الله وحلفائه في لبنان.
الحريري سيرفع مستوى لقاءاته الى درجة وزير أصيل في اجتماعه مع وزير الخارجية مايك بومبيو.
وتتميّز زيارة الحريري هذه المرة إضافة الى أهميتها في مقاربة ملف حزب الله، بتراجع الثقة الاميركية بشخصه الذي يبدو موقعه صعبا في المعادلات الجديدة في العلاقات الثنائية اللبنانية- الاميركية.
فإذا كان الرئيس الراحل رفيق الحريري اكتسب الثقة الاميركية في إطار توازنات التسوية الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب اللبنانية عبر الرعاية الاميركية-الفاتيكانية-السعودية-السورية لاتفاق الطائف وتوازنات تطبيقه، فإن الرئيس سعد الحريري يواجه مرحلة من الصعوبات في ظل اختلال هذه التسوية، أو اندثارها، ودخول لبنان في حلبة الصراع الاميركي-الايراني، إضافة الى المتغيرات الجيوسياسية من مضيق هرمز حتى دمشق.
الرئيس الحريري يدخل الى القاعات الأميركية وفق صورة مغايرة للصورة التي اكتسبها في العام ٢٠٠٥ :
فهو خسر الكثير من الثقة ليس في واشنطن فقط، انما في عواصم أخرى أيضا، كما تراجعت الثقة بينه وبين حلفائه المحليين.
وهو خسر أيضا مروحة واسعة من الثقل الشعبي.
أما وصوله الى رئاسة الحكومة فمحكوم بالتسوية الرئاسية التي عمادها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي فقد الود الاميركي.
ويدخل الرئيس الحريري اجتماعاته في واشنطن، وسط معلومات جمعتها الإدارة الاميركية عن تعاظم نفوذ حزب الله في التركيبة اللبنانية، وفي قدرته على تعويض ما خسره ماديا من العقوبات الاميركية المفروضة عليه، عبر "التجارة المفتوحة في المرافئ والمعابر البرية مع سوريا" وهذا ما يُغضب الأميركيين.
سيطلب الأميركيون استفسارات عما "يعتبرونه تخاذل السلطة اللبنانية أو التواطؤ الضمني" لهذه السلطة في بيروت، مع حزب الله.
في هذا الاطار، من المتوقع أن يتعرّض الحريري الى ضغط أميركي لما يسميه الاميركيون "بسط السيادة الكاملة للدولة على المرافئ والمرافق الشرعية".
عند هذه النقطة من الضغط، سيجد الحريري نفسه يواجه سلسلة من المنافذ المغلقة.
فالأميركيون سيركزون في رصد خطواته، فهو الحصان الوحيد القادر، في ظل تراجع تأثيرات وليد جنبلاط وسمير جعجع المُحاصرين داخليا.
ويُدرك الأميركيون من اللقاءات التي يعقدها كبار المسؤولين لديهم مع الرئيس ميشال عون ووريثه السياسي جبران باسيل، أنّ الاثنين اتخذا خيارهما النهائي في الانضمام الى المحور الايراني-السوري،أو ما يُعرف بحلف الأقليات، وتصلهم التقارير عن أنّ التوجيه السياسي في التيار الوطني الحر نجح في إقناع الشباب المسيحي في هذا التيار، من أنّ التحالف مع الولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية لا "يُؤمَنُ له" ولم تكن نتائجه مرضية للوجود المسيحي الفاعل في لبنان والمنطقة، وبالتالي فإنّ الحماية تحت المظلة الايرانية بامتداداتها السورية، أفضل وأربح وأكثر صدقية.
وبما أنّ الرئيس نبيه بري لا يتخطى دائرة التحالف مع حزب الله على الرغم من خطوطه المفتوحة مع واشنطن، يبقى الخيار الاميركي الوحيد الضغط على الحريري؟
نقطة القوة الوحيدة التي يملكها الحريري في واشنطن أن لا بديل عنه في هذه المرحلة في رئاسة الحكومة، لكنّه بديل ضعيف.
فحزب الله لا يرحم.
وطموحات الوزير جبران باسيل، في السلطة والشارع المسيحي، تحرق.
والثقة فُقدت بينه وبين جنبلاط وجعجع على الرغم من موقفه من حادثة البساتين.
وأكبر ضعف يواجهه الحريري تراجع ثروته التي كان يجيّرها والده في تعزيز سلطته، ومدّ شبكات من التواصل مع اللوبي اللبناني والعربي في العاصمة واشنطن.
حتى سفير لبنان في العاصمة الأميركية غابي عيسى فهو ظلّ الوزير جبران باسيل معه، وتقاريره ستصل حكما الى من يراقبه جيدا في بيروت، أي حزب الله.
وأكثر ما أصاب الحريري ضعفا واتباكا، أنّ الثقة انعدمت بينه وبين النافذين في اللوبي اللبناني الذين يملكون تأثيرا في الكونغرس.
كما فقد تواصله مع الصحافيين اللبنانيين والعرب في واشنطن والذين يتمتعون بحرفية مهنية عالية، فلم يتواصل معهم، كما أنّ خطهم مقطوع مع السفير اللبناني الذي لا يرد الا عمن هو الصحافي المُعجب بانتمائه السياسي، أي القريب من التيار الوطني الحر.
الحريري في واشنطن محاصر بإدارة أميركية متشدّدة في صراعها مع ايران وحزب الله، وبين الحزب الذي لا يرحمه في بيروت.
فإلى أين المفر؟
يتقدم الى الواجهتين اللبنانية والسورية "العسكر" في قيادة البلدين.
يتردد كثير من متضرري حرب "المساندة" في إعادة إعمار ممتلكاتهم المهدّمة نتيجة الغارات الاسرائيلية.
لا تهتم الدول الفاعلة بهوية المرشح الرئاسيّ بقدر ما تهتم بتنفيذ أجندة الامن والاصلاح.
يتقدم اسما جوزف عون وجورج خوري بورصة الأسماء المرجحة الوصول الى قصر بعبدا.
تتسارع التطورات على الساحة السياسية من أجل إنهاد الشغور الرئاسيّ في لحظة اقليمية خطيرة.
كبُرت دائرة التفاؤل بانتخاب رئيس للجمهورية في بداية العام المقبل.
يطوي لبنان صفحة من تاريخه الحديث بسقوط نظام الأسد في سوريا.
قدمت روسيا حقّ اللجوء الى بشار الأسد وعائلته.
يحضّر الرئيس نبيه بري جلسة نيابية فعلية ينتج عنها انتخاب رئيس للجمهورية يأتي في سياق المنظومة الحاكمة.
تتوعد اسرائيل بمزيد من التوحش تجاه لبنان إذا خرق حزب الله قواعد اتفاق وقف اطلاق النار.