يدخل لبنان في مرحلة جديدة الأسبوع المقبل على وقع نهاية عهد وبداية مسار ما بعد الترسيم البحري.
الجمعة ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٢
أنطوان سلامه- من المفيد أن نعترف أنّ "القطب المخفية" لترسيم الحدود البحرية تمنع ملامسة هذا الملف بشكل واضح. في المدة الفاصلة بين التوقيع في تشرين الأول من العام ٢٠٢٢ وبين اطلاق الرئيس نبيه بري في تشرين الاول من العام ٢٠٢٠ نبأ انطلاق المفاوضات استنادا الى اتفاق إطار مع "إسرائيل"، حدثت تطورات دولية وإقليمية ومحلية مهمة أبرزها الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتداعياتها على سوق الطاقة، إضافة الى استمرار الانهيار اللبناني المخيف، وظهرت ثابتة لبنانية، وهي أنّ المفاوضات غير المباشرة، العلنية والسرية، بين لبنان وإسرائيل تمّت من دون " انتفاضة" كما حدث في "اتفاقية ١٧ أيار" العام 1983، وهذا يشير الى أنّ أيّ اتفاق جوهري في لبنان، بمساراته وحتى في مصطلحاته، لا يسير من دون القاطرة الشيعية. انتهت هذه المرحلة من التفاوض على غموض في الأسباب التي دفعت "لبنان" الى التوقيع، ومهما كانت البروباغندا التي رافقت هذا التوقيع فيجب التوقف عند ظاهرة تتمثل في أنّ "المفاوضين اللبنانيين " ينتمون الى خط " الممانعة" برضى حزب الله. ولا يمكن التغاضي عما أعلنته إسرائيل من أنّ اتفاق هوكستين هو اعتراف لبناني ب"دولة إسرائيل"، فمهما تعامى لبنان الرسمي وأحزابه عن هذه الواقعة، فإن الاتفاق عمليا، وفي القاموس الأممي، تم بين "دولتين" ولو في اطار مفاوضات غير مباشرة. من يراقب التغطية الإعلامية " الغربية" لهذا الحدث،فإنّه يلاحظ أن هذا الاعلام خصوصا الفرنسي منه أبرز دخول إسرائيل السريع والقريب الى سوق الطاقة. هذه هي زبدة الخبر " الغربي" لاتفاق هوكستين الذي سيُنعش أوروبا بالغاز"الاسرائيلي" تحديدا بعدما تعثر سيل الغاز الروسي نتيجة الحرب في أوكرانيا. فماذا عن لبنان؟ دوما يغلب السياسي على الاقتصادي في لبنان الذي لا يزال في خطواته الأولى للتنقيب والاستخراج في البحر. سياسيا، يتزامن الترسيم مع اتجاه الى الشغور الرئاسي. اقتصاديا، يغرق لبنان في أزمة بنيوية في قطاعاته الإنتاجية والحياتية. استراتيجيا، تفقد الطبقة السياسية، بتلاوينها كافة، أيّ مشروع وطني مستقبلي. تنطبق صفة الضبابية على هذه المرحلة المتعثرة في إعادة تكوين السلطة التنفيذية. لا شك، أنّ هناك مرحلة جديدة يندفع اليها لبنان أو يُدفع اليها، بعد اتفاق هوكستين. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان واضحا في حديثه التلفزيوني الأخير حين تحدث عن " الحوار" لترسيم الحدود كاملة في الجنوب، فماذا عن المقاومة وسلاحها؟ هذا سؤال. من عايش مرحلة أواخر الثمانينات في رئاسة العماد ميشال عون الحكومة العسكرية كان يلمس أنّ " جنرال بعبدا" يشير دوما الى ضرورة الاستعداد للجلوس الى " الطاولة" معتبرا أنّ الإقليم في تحوّل، وهذا التحوّل حاصل الآن. فهل سيستطيع رئيس الجمهورية المنتهية ولايته العماد ميشال عون من الجلوس الى الطاولة كلاعب أساسي كما كان يخطط في أواخر الثمانينات لكن التطورات سحقته وقتذاك؟! هل ستساعده الظروف في التأثير مع تداخل عوامل العمر وما آل اليه تياره السياسي من تراجعات في المدى الشعبي نتيجة ما يعتبره منافسوه " الفشل" في القيادة. هل سينجح في رفع " العقوبات الأميركية" عن مستقبله السياسي المتمثل بالنائب جبران باسيل. وهل سيعيد " اللمعان" الى صورته وصورة تياره السياسي؟ هذه التساؤلات تبدو هامشية حين نقارب حزب الله ورهاناته الغامضة أقلّه في ملف الانتخابات الرئاسية. من الواضح أنّ حزب الله يراهن في مرحلة التحولات على الإفادة من اتفاق هوكستين للتخفيف من ضغط بيئته الحاضنة عيه، بعدما عجز، حياتيا، عن فصلها عن البيئة اللبنانية التي تعيش أزمة وجودية، لذلك اعتمد الحزب تكتيك التعامل مع الترسيم كاتفاق الضرورة. هل انتقل حزب الله وسلاحه الى مرحلة جديدة؟ هل سيتبدّل الخطاب السياسي للحزب في ظل متغيرات إقليمية ودولية؟ سابقا، عارض سياسيون كثر، يدورون في فلك الحزب، ارسال الجيش الى الجنوب بحجة أن الجيش ليس حارس حدود إسرائيل؟ فماذا يُقال الآن عن الحزب بعد موافقته مع الرئيس نبيه بري على القرار ١٧٠١، وبعد تهليله لاتفاق هوكستين على انه انتصار جديد؟ لماذا اندفع الحزب سياسيا واعلاميا وميدانيا الى إنجاح اتفاق هوكستين؟ هذه من أسرار الاتفاق الذي له أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية أيضا، في وقت يبدو الأمن بشقيه الميداني والاقتصادي عنوان أساسي في الحراك الإقليمي بعد التقارب الإسرائيلي التركي، والمساكنة الإيرانية السعودية، والوهن السوري ، وترهل الأذرع الإيرانية في " الهلال الشيعي" امتدادا الى الخليج، والتبدلات في المزاج الفلسطيني العام. ولعل القاسم المشترك في الحراك الإقليمي هو التوتر في العلاقات الأميركية السعودية الى حد لم تصل العلاقات فيه بين العاصمتين الاميركية والسعودية بعد، الى مستوى العلاقات المأزومة بين طهران وواشنطن وعواصم أوروبية، في حين تنشط الديبلوماسية الإسرائيلية في جمع الأوراق على كل الساحات لتمتين حضورها السياسي والاقتصادي والأمني. انطلاقا من هذه الصورة، يبحث لبنان عن دوره المفقود، تحاول قاطراته السياسية كافة، الخروج الى أفق جديد،يبدو مفتاحه الأساسي بيد الولايات المتحدة الأميركية. وأثبتت الأيام أنّ الأميركيين حين يقررون ينفذون. أوليس هذا ما حصل في اتفاق هوكستين بمباركة من المنتمين الى "خط الممانعة" في وقت أنّ الخطين "السيادي" و"التغييري" المقابل، لا صوت فيهما يعلو على ما تريده واشنطن. في الخلاصة، يتجه لبنان الى مرحلة جديدة، سلبية أو إيجابية، ستسقط في خلالها، "الحلول" و"المخارج" على رؤوس "قادة" القرار المحلي، سلةً متكاملة سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا. فمتى تسقط هذه السلة؟
يتقدم الى الواجهتين اللبنانية والسورية "العسكر" في قيادة البلدين.
يتردد كثير من متضرري حرب "المساندة" في إعادة إعمار ممتلكاتهم المهدّمة نتيجة الغارات الاسرائيلية.
لا تهتم الدول الفاعلة بهوية المرشح الرئاسيّ بقدر ما تهتم بتنفيذ أجندة الامن والاصلاح.
يتقدم اسما جوزف عون وجورج خوري بورصة الأسماء المرجحة الوصول الى قصر بعبدا.
تتسارع التطورات على الساحة السياسية من أجل إنهاد الشغور الرئاسيّ في لحظة اقليمية خطيرة.
كبُرت دائرة التفاؤل بانتخاب رئيس للجمهورية في بداية العام المقبل.
يطوي لبنان صفحة من تاريخه الحديث بسقوط نظام الأسد في سوريا.
قدمت روسيا حقّ اللجوء الى بشار الأسد وعائلته.
يحضّر الرئيس نبيه بري جلسة نيابية فعلية ينتج عنها انتخاب رئيس للجمهورية يأتي في سياق المنظومة الحاكمة.
تتوعد اسرائيل بمزيد من التوحش تجاه لبنان إذا خرق حزب الله قواعد اتفاق وقف اطلاق النار.