Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


وزارة الثقافة: الانقلاب على الدستور

يتابع وزير الثقافة انتقاد كل من يخالف موقفه من فيلم باربي.

الأحد ١٣ أغسطس ٢٠٢٣

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

المحرر السياسي- منذ اتفاق الطائف برزت حكومة مهمتها محصورة باسمها " وزارة الثقافة"،لم ترفدها الموازنات العامة بالمال اللازم الا أنّها أثّرت في التواصل مع المهتمين بالشأن الثقافي وإن بنسب متفاوتة.

وحافظت هذه الوزارة، في الحدّ المتوسط، على "الهوية التعددية" للبنان، فاحترمت التوازنات خصوصا في عهود ميشال اده(١٩٩٣-١٩٩٦)وغسان سلامه(٢٠٠٠-٢٠٠٣)وطارق متري(٢٠٠٥)،وتشتهر هذه الشخصيات بحضور ثقافي، والأهم بالنتاج الثقافي في دوائر الكتابة والنشر والمنابر الأكاديمية.

ولن نُسقط أسماء حاولت الفعل الثقافي أمثال ريمون عريجي(٢٠١٤-٢٠٢٦)حتى أنّ الوزراء الآخرين مثل محمد يوسف بيضون وغازي العريضي وتمام سلام، وأيضا كرم كرم وناجي البستاني وأسعد رزق وسليم ورده وغابي ليون وغطاس خوري ومحمد داود داود، حاولوا عدم الاصطدام بالمثقفين والمبدعين اللبنانيين، وتجنبوا، الا نادرا، الدخول في ساحات الأفخاخ، والتناقضات والجدل الايدبولوجي، فبقيت وزارة الثقافة اللبنانية صورة عن "الإدارة الرسمية" التي تكتفي بدورها التقليدي في تسيير الأمور.

الى أن جاء الوزير الحالي محمد وسام عدنان المرتضى ، مندفعا الى صبغ وزارته بلون أيديولوجي، يتخطى عداء إسرائيل، ليقع في أفخاخ الخطوط الأيديولوجية التي تميل الى الديني ، والمذهبي ، لاغيا في كثير من المحطات التي برزت فيها مواقفه، المدى المدني الذي، وحده، يُتيح المجال للتعددية، واحترام الرأي الآخر، والحرية في الإبداع والتعبير.

أقحم الوزير المرتضى نفسه في متاهات، تتخطى شخصه، وهو حر في رأيه وتعابيره، ليدفع وزارته الى صراعات أيديولوجية لا يمكن أن تستقيم في الدائرة الثقافية اللبنانية، التي تضم شريحة واسعة من العلمانيين والمدنيين، فحصلت بفضل "فتاويه الثقافية" مواجهة مفتوحة بينه، كمدافع عن "قيمه" الدينية كما يراها، وبين عدد واسع من المثقفين الذين انخرطوا في معركتهم من أجل حماية ما يعتبرونه مقدسات التعبير التي لا تُحدّ بالمحرّم.

هذه السقطات لوزير يخلط بين موقفه الشخصي بتأثير من "بلاطه الاستشاري" وميوله الحزبية-العقائدية، تمثلت في بيانه الشهير عن طعن سلمان رشدي في نيويورك، الذي صاغه بأسلوب " ديني"(الإسلام السياسي) في دولة لبنانية لا دين لها، منزلقا في الردّ على صحافية تدافع عن رشدي، الى لغة سبّاقة، في تاريخ الوزارات ،في تغليب الديني على المدني، لينحاز بشكل واضح الى الشاب من أصل لبناني (هادي مطر)الذي طعن سلمان رشدي في سياق فتوى الإمام الخميني بهدر دمه(١٩٨٩)بسبب رواية "آيات شيطانية"...وحدّد في  موقفه الدفاعي عن الخميني ، أصول " حرية القول المهذّب " وشيطنة من يخرق أصول هذا التهذيب الذي يملك وزير الثقافة "قاموسه"، ومن يخرج عن مفرداته وتحديداته فهو من " أعوان الشيطان" .

ولا نعرف اذا كان الوزير المرتضى ومستشاروه شاهدوا فيلم " باربي"( للمخرجة الأميركية غريتا غرويغ) الذي منعه لأسباب يؤمن بها، في توقيت الاجتماع الوزاري التشاوري في الديمان الذي تخطى أوجاع اللبنانيين لينخرط في التصدي لمضمون فيلم هو مادة عالمية ، للنقد والتقييم.

وكان الأجدر بوزير  الثقافة ترك الأمر لأجهزة الرقابة في الأمن العام لتنفرد، كما عادتها، في استعمال "المقص" والشطب والمنع، وهو أصلا مرفوض ثقافيا ودستوريا وفي هذا الفضاء الرقمي.

ويتابع الوزير اندفاعته في مهاجمة كل من يؤيد حرية الخيار في مشاهدة هذا الفيلم أو مقاطعته، بغض النظر عن إرشادات رجال الدين خصوصا أنّ " منعه" تزامن مع اطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في هجومه على المثليين.

اذا كانت مواقف رجال الدين، المسلمين والمسيحيين، طبيعية في رفض ما يخالف قواميسهم "الإلهية" فماذا عن وزير، صفته مدنية، يتطرف في مواقفه، والأخطر أنّه  يخلط بين الأمور من دون أي منهجية عاقلة، ومنطقية، فيرفع مثلا صورة "الزميلة الشهيدة" شيرين أبوعاقلة التي نحترم بعمق "استشهادها" في ركن في " المكتبة الوطنية" في بيروت....فهل لا يوجد "رسالة من بيروت الى القدس"، كما قال الوزير، الا "المكتبة الوطنية" التي لها كيانها الخاص والواضح؟

ربما يشير " التخبّط" و"الشذوذ" في وزارة الثقافة حاليا الى ضرورة رفع وزارة الثقافة الى مستوى "الوزارة السيادية" أو اعتماد الغائها في حال الاستمرار في النهج الفئوي والمذهبي، للوزير الحالي.

فماذا لو جاء وزير لاحق، ولأسباب سياسية، من خط "عنصري" مثلا؟

العودة الى الدستور كفيل بحماية وزارة الثقافة من " الأيديولوجيات الدينية" التي وحدها كافية لتدمير أيّ ثقافة، وأي عصر تنوير.

ألم تذكر مقدمة الدستور "احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد"؟

فهل احترام المثلية مثلا خارج الاعتقاد؟

ألا تندرج معارضة طعن سلمان رشدي وهدر دمه في إطار دستور الجمهورية اللبنانية "الديمقراطية"؟

وهل فعلا يملك الوزير، بحكم صلاحياته، مهمة المرشد ....و"النهي عن المنكر".


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :54163 الأربعاء ٢٥ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :51095 الأربعاء ٢٥ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :50454 الأربعاء ٢٥ / يناير / ٢٠٢٤