Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


الحريري الأب لم يؤمن بالغاء الحصريّة بل طوّع أصحابها لتدور في فلكه

كتب الزميل جو متني عن مشروع إلغاء الوكالات الحصرية طارحا خلفياته ومساره وما سيؤول اليه.

الثلاثاء ٠٨ فبراير ٢٠٢٢

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

جو متني- عندما طرح رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري مشروع الغاء الوكالات الحصريّة في العام 2002، لم يكن هدفه الوقوف إلى جانب الفقراء وضرب الاحتكارات وفتح أبواب المنافسة على مصراعَيْها وضمان حريّة التجارة وتنوّع مصادر الاستيراد لخفض الأسعار.

كما أنّه لم يسْعَ إلى تحقيق هذا المشروع بالأساس لأنّه لم يكن مؤمنٍاً به أصلاً.

كان سياسياً وطائفياً ومالياً، أقوى من أصحاب الوكالات جميعاً مهما اتّحدوا وتكتّلوا وجيّشوا ماكينات سياسيّة وحزبيّة، طائفيّة ومذهبيّة، مناطقيّة واعلاميّة لحماية مصالحهم.

  طرْحُ الحريري إلغاءَ الوكالات الحصريّة، جعل الجماعة المتوحّشة مالياً تخاف منه وتنصاع لإرادته، وبالتالي جذبها وطوّعها لتدور بفلكه.

كان رئيس حكومة مدعوماً سورياً وسعودياً وفرنسياً، وصاحب أحد أكبر المصارف Bankmed، وأحد المساهمين الكبار في البنك العربي وفي مصارف أخرى، وصاحب إحدى أهمّ المحطات التلفزيونيّة ( المستقبل ) وراديو الشرق، وصحيفة المستقبل، ومساهماً كبيراً في صحيفة النهار ومموّلاً لجريدة السفير والكثير من الصحف والمجلات والوكالات، فضلاً عن وضع مجموعة كبيرة من الصحافيين والاعلاميين على لائحة الـ payroll.

هذا الواقع حوّل الحريري نفسه إلى أكبر وكالة حصريّة اقتصاديّة وسياسيّة وماليّة. دخل المعترك السياسي اللبناني بثروة قُدّرت بحدود المليارَي دولار أميركي، وأورث أولاده بعد مماته ثروة قُدِّرت بـ 18 مليار دولار أميركي.

بالأساس، كان رئيس الحكومة الراحل ابن عائلة صيداويّة متواضعة الحال فانتقل إلى بيروت، وتزعّم العاصمة إما بالقضاء ( سياسياً ومعنوياً ) على رموز عائلاتها التقليديّة وزعماتها التاريخيّة المسيحيّة والاسلاميّة، وإمّا بضمّهم إلى لوائحه الانتخابيّة، ليفوزوا بفضله بمقعد نيابي أو وزاري.  يعني ذلك أنّه تقرّب من أبناء العائلات السياسيّة والزعماتيّة في بداية مسيرته وهم يجسّدون بشكل أو بآخر الوكالات الحصريّة ( الأدوية والمستلزمات الطبيّة والموادّ النفطيّة والغاز والمفروشات والسيارات وقطعها والمواد الغذائيّة والسلع الكهربائيّة والالكترونيّة والألبسة... ).

في الأصل، كان مشروع الغاء الوكالات الحصريّة مطروحاً في العام 2002 للأدوية والمواد النفطيّة والغاز. ولكن المراقبين لاحظوا أن الدورة الاقتصاديّة أصبحت مكسباً للتجّار وللمصارف التي للحريري اليدُ الطولى عليها. بمعنى أن الزبون الذي أراد شراء سيارة مثلاً، كان يقترض من المصرف ليُسدِّد ثمنها. وهكذا تكدّست الأرباح والثروات...

بعد عشرين عاماً بالتمام والكمال، يُعاد طرح العنوان ذاته الذي أخفقت اللجان المشتركة ببتّه، وأحالته على الجلسة العامة.

وقيل إنّ النوّاب أخفقوا ولم ينجحوا بالاتّفاق على إحدى المواد ( المادّة الخامسة )، ولذلك تمّ ترحيل المشروع، مع الإشارة إلى أن لجنة الاقتصاد النيابيّة التي أسهبت في درسه، يرأسها النائب فريد البستاني وهو صاحب أكثر من وكالة حصريّة.

وبالتاكيد يوجد نواب آخرون يملكون وكالات حصريّة عديدة، كما أن عدداً من النواب المحامين تُمثّلُ مكاتبُهم هيئة الدفاع عن هذه الوكالات وأصحابها. فيما يتولّى نوّاب من كتل تابعة لأحزاب وازنة تأمين الغطاء السياسي.

إذا صحّ القول إنّ كتلة الوفاء للمقاومة ( حزب الله ) وكتلة التنمية والتحرير ( حركة أمل ) وكتلة اللقاء الديمقراطي ( الحزب التقدّمي الاشتراكي ) تؤيّد اقرار مشروع قانون الغاء الوكالات الحصريّة، وإن كتلتي لبنان القوي والجمهوريّة القويّة يعترضان عليه، فإنّ المشروع لن يمرّ، وفي حال تمّ التصديق عليه فسيتمّ في الجلسة العامة تفريغه من محتواه.  يصحّ فيهم المثل الشائع "قابرين الشيخ زنكي سوا".

ويبقى السؤال لماذا توقيت طرح المشروع في وقت تحضّر الحكومة لاجراء الانتخابات النيابيّة، وتناقش مشروع موازنة تفرض فيه رسوماً جديدة، وتجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة اقتصاديّة قيل ستكون اصلاحيّة وهو، أي الاصلاح، أحد أبرز شروط  الدول والصناديق والجهات المانحة والمموّلة.

هل أنّ اقرار الدولار الجمركيّ والـ haircut رسمياً بعد اقتطاع أموال المودعين في المصارف بالقوّة سيمرّ بسلام، أم أن ثورة دواليب جديدة على الابواب؟


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :53091 الخميس ٢١ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :50005 الخميس ٢١ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :49392 الخميس ٢١ / يناير / ٢٠٢٤
معرض الصور