Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


المضاربة بالدولار سدّدت رواتب القطاع العام؟

المضاربات على الليرة تُستغل لدعم ما تبقى من اقتصاد مترنّح.

الإثنين ٣٠ مايو ٢٠٢٢

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

 جو متني- مِن المؤكّد أن الفرق في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانيّة، هبوطاً وصعوداً، ذهب إلى مستفيدين ومستغِلّين ومضارِبين ومتاجرين بالعملة الوطنيّة على حساب الفقراء والمُعدمين.

هذه الجهات - الحيتان المُقرصِنة مجهولةُ الهويّة أمام الشريحة الأوسع من الرأي العام الذي يلقي التُهم جزافاً على الطبقة السياسيّة، والبنك المركزي، والمصارف ومالكيها والمساهمين فيها، فضلاً عن الأغنياء والرأسماليّين، وفئة قليلة جدّاً من أصحاب الحسابات الصغيرة الحجم المراهنين على عدم ثبات الأسعار، وعلى تحقيق بعض الأرباح الصغيرة.

 المضاربات بالعملة الوطنية غير مشروعة في كلّ الحالات، لا سيّما في حال شكّلت خطراً على الأمن القومي والنقدي. ويحاسِب عليها القانون إذا خلّفت أيضاً اهتزازاً وخسائر بقيمة النقد والودائع، وتركت انعكاسات سلبيّة على الاقتصاد الوطني بمجمله. وأدّت الى انكماش وتضخّم وركود وضمور في الأسواق، وزيادة البطالة الناجمة عن اقفال المؤسّسات، أو لجوء أصحابها إلى تخفيض عدد الموظّفين بسبب عدم القدرة على دفع أجورهم.

 العملة الوطنية في أي بلد ليست سهماً يُدرج في البورصة، ويُعرض للتداول في سوق الأسهم، شراءاً ومبيعاً. لذلك تُسمّى باالعملة الوطنيّة غير القابلة للمتاجرة والمساومة. إنّها بمثابة علم البلاد الذي يرمز إلى الهويّة، هويّة الشعب وسيادته واستقلاله وعنفوانه.     

بالعودة إلى ما حصل نهاية الأسبوع الماضي وصعود سعر العملة الخضراء إلى مستويات قياسيّة وبسرعة قياسيّة، ومن ثمّ انخفاض سعره إلى مستويات قد تكون قريبة من سعره الواقعي تقريباً، وبسرعة جنونيّة. كيف جرت هذه اللعبة؟ من الذي استفاد منها ولمصلحة من؟

 الذي كان يدير المحافظ الماليّة للأثرياء اللبنانيين والعرب وغيرهم بعشرات ومئات ملايين الدولارات بأهمّ مؤسّسة استثماريّة أميركيّة وعالميّة ( ميريل لينش ) لن يصعُب عليه ادارة لعبة صغيرة بحجم ثمن الفستق كما يُقال peanuts.

 تقنيّة اللعبة أصبحت معروفة ومكشوفة. وتقتضي تجفيف السوق من الدولار ليصبح الطلب عليه مضاعفاً، فيرتفع سعره في السوق السوداء.

ومع انتشار الشائعات وتعميم كلمة السرّ مثل ذرّ الرماد في العيون، بأن سعر الدولار سيتخطّى كلّ السقوف، وسوف يتعدّى الخمسين ألف ليرة، هرعت الناس الى الشراء بأسعار قاربت الأربعين ألف ليرة.     

وعندما باتت العدّة جاهزة واكتملت الحسابات، وأصبحت الليرات الناجمة من فرق سعر الدولار تغطّي الهدف المنشود، أعطي الضوء الأخضر ايذاناً بتراجع سكّة الدولار الى الوراء الى حدود الـ 28 ألف ليرة. وبدأت محلات الصيرفة والدكاكين وأولاد الشوارع المُلوِّحين بالأوراق النقديّة بالبيع، محاولين تلبية مطالب الناس المحاولين الحدّ من خسائرهم.

 حسابات هذه المضاربة التي اضطلع بها مصرف لبنان غير معروفة تماماً، ولكنّ بحسب مصادر وزاريّة مطّلعة كانت كافية ليحقّق بها المكاسب التي حوّلها إلى الحساب الذي يُسدِّد منه رواتب العاملين في القطاع العام.     ولهذه الأسباب، لم تُسمع الأصوات العالية المُغالية بالدفاع عن الليرة، والمهاجمة لحاكم المركزي وسياساته التجويفيّة.

 يمكن الاستنتاج من هذه الخطوة أمور عدّة أوّلها:

1- أصبحت الدولة عاجزة عن تأمين رواتب العاملين في القطاع العام دون اللجوء الى " ضروب احتيال ماليّة."

2-  رواتب العاملين في القطاع العام الوحيدين في الدولة الذين يقبضون على أساس دولار 1500 ليرة، أصبحوا ضحيّة مرّة ثانيّة للتلاعب بالدولار مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والأدوية مع تدنّي القدرة الشرائيّة لليرة. 

3-اتّهام القطاع العام من قبل القطاع الخاص بأنّه عبء على الدولة اتّهام باطل، كون القطاع العام في خدمة القطاع الخاص إذا جاز التعبير. وبعض العناصر في القطاع العام وليس كلّهم، هم الذي يرسمون فذلكات وهندسات القطاع الخاص على صعيد التهرّب الضريبي، وعدم التصريح عن الأرباح، والتهرّب من الضريبة على القيمة المضافة TVA، وتخفيض التخمينات في الدوائر العقارية، وعدم تسجيل جميع الموظّفين في الضمان الاجتماعي، و...

4- هذه الشراكة تعود بالفائدة للقطاع الخاص الذي يحقّق مكاسب طائلة من غض النظر عنه في ما جرى ذكره سابقاً من "جرائم ماليّة". ولذلك نرى أرباب القطاع الخاص لا يتذمّرون كثيراً من كلفة القطاع العام مقارنة بما يحقّقونه من "فساد" بعضه الذي يمهّد الطريق أمام تجاوزاته وارتكاباته. وهذه الشراكة قائمة في العديد من البلدان النامية والمتقدّمة.

5- للتأكيد على ما سبق، ردّ وزير سابق في أحد اجتماعاته على تذمّر وشكاوى أعضاء وفد من رجال الأعمال المتخصّصين من تقلّص خدمات الدولة وتقاعس أجهزتها، ردّ قائلاً:" كلّ واحد منكم لا يمسك دفترين اثنين لحسابات شركته، فليرجم الدولة بحجر."


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :53096 الخميس ٢١ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :50009 الخميس ٢١ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :49395 الخميس ٢١ / يناير / ٢٠٢٤
معرض الصور