مراكب السفاحين: من طرابلس الى الموت في البحر
تعزز موقع لبنان على خريطة تهريب البشر بشكل غير شرعي بعدما تعاظم عدد ضحايا المأساة في بحر الشمال.
السبت ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٢
المأساة اياها تتكرر. والموت واحد ومجاني... لا ليس مجانيا،هو موت مدفوع، ثمنه خمسة او ستة الاف دولار تدفعها كل ضحية هربا من الحرمان على امل بلوغ بلد الاحلام، فتواجه قدرها في قعر البحرغرقا في عبارات تجار الموت. مراكب "السفاحين" تحمل عائلات، رجال ونساء واطفال، من طرابلس من دون توافر ادنى عوامل الامان لكنهم يختارون المجازفة هربا من فقر مدقع واهمال من دولة انعدمت فيها افق الحياة. هكذا يكتشف اللبنانيون ومعهم بعض جيرانهم من سوريا وفلسطين ان التاريخ يتكرر والمعاناة كذلك. هي طرابلس تدخل فصلا جديداً من الموت، حصيلته لم تتظهر حتى الساعة الا ان عدد الضحايا يفوق السبعين. الناجون قلة قليلة من بين 120 شخصا، قيل انهم كانوا على متن قارب هجرة غير شرعي جديد غرق قبالة طرطوس، فيما تحرك الامن اللبناني مطاردا اصحابه من دون ان يضبطوهم. شبكات تهريب منظمة تقف خلف قوارب الهجرة والموت، ضبط الجيش عدداً غير قليل منها لكنها اكثر من ان تحصى وتضبط، والاقبال عليها كذلك، فهل من مسؤول في السلطة ما زال يملك ذرّة ضمير لوقف مسلسل الموت هذا ام انهم جميعا غارقون في ابرام الصفقات طمعا بمناصب ومواقع رئاسية قد لا تجد من تحكمه في وقت غير بعيد؟ حصيلة غير نهائية: في وقت عملية انتشال الجثث من البحر متواصلة، أعلن المرصد السوري قرابة الثانية من بعد الظهر ان حصيلة ضحايا قارب المهاجرين بات 81 قتيلاً. من جهته، أكد مدير عام الموانئ السورية انتشال ٢٠ ناجياً و ٧٣ متوفياً، كحصيلة غير نهائية لـ "مركب الموت -2" الذي كان انطلق منذ أيام من منطقة المنية وعلى متنه مهاجرون من جنسيات مختلفة، مشيرا الى ان البحث ما زال مستمرا. بدوره، أوضح وزير الاشغال علي حمية ان "عدد ضحايا غرق المركب بلغ 75 شخصا، بينهم ٩ لبنانيين، فيما نجا عشرون آخرون، بينهم 5 لبنانيين، 12 سورياً و3 فلسطينين". وقال أن "اغلبية الضحايا في الحادثة ليست لديهم اوراق ثبوتية"، مضيفا ان "بناء على احد المعطيات من احد الناجين وفق ما اخبرني وزير النقل السوري ان عدد من كانوا على الزورق يفوق الـ120 شخصاً". ولفت حمية الى ان "الزورق خشبي وصغير جداً وهو وصل الى لبنان منذ شهرين". وتم توجيه دعوة لاهالي المفقودين للتوجه الى مشفى الباسل في طرطوس للتعرف على الجثث لانها مجهولة الهوية. وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، اشار الى أن "حصيلة ضحايا غرق القارب قبالة طرطوس غير نهائية". توقيف مهرّبين: ليس بعيدا، اعلنت قيادة الجيش في بيان انه و"في تاريخ 21 /9 /2022، أوقفت دورية من مديرية المخابرات في طرابلس- الميناء كلاً من المواطنين: (أ. ر)، (م. ر)، (م. م) و(م. غ. م) لوجود سوابق لهم في عمليات التهريب ولمحاولتهم شراء مركب للقيام لاحقاً بعملية تهريب أشخاص عبر البحر بطريقة غير شرعية وضُبط بحوزتهم مسدسٌ حربي. كما أوقفت دورية أخرى من المديرية في محلة دير عمار المواطنين (ع. ر)، (م. ع)، (ب، ع)، (خ. ع) للاشتباه بقيامهم بأعمال التهريب عبر البحر ومراقبة دوريات القوات البحرية. سُلّمت المضبوطات وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص". وتسلم الصليب الاحمر اللبناني جثامين 7 لبنانيين وفلسطينيين اثنين لضحايا "مركب الموت" قبالة طرطوس، من الهلال الاحمر السوري عند نقطة العريضة الحدودية بحضور اللواء محمد خير المكلف من الرئيس نجيب ميقاتي. وعرف من أسماء الضحايا اللبنانيين والذين تعرف عليهم ذويهم: مصطفى مستو وابنته دنيا اللذان سيشيعان في منطقة باب الرمل – طرابلس، الطفل عمار التلاوي سيشيع في بلدته القرقف في عكار، ريان السيد علي وشقيقه عصمت وكمال وسميح دياب الذين سيشيعون في مسجد حمزة في القبة. وكانت شيعت الطفلتان مي ومايا تلاوي صباحا في بلدتهما القرقف - عكار. أما الفلسطينيان فهما: عبد العال عمر عبد العال ورواد السيد اللذان سينقلان لتشييعهما في مخيم نهر البارد. وأفاد مكتب وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، بأنّ “عدد ضحايا غرق الزورق قبالة طرطوس حتّى الآن 87 شخصًا، و20 ناجيًا في المستشفى، بحسب آخر المعلومات”. وافادت معلومات لاحقا بأن عمليات البحث في طرطوس مستمرّة للعثور على 60 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين. وقال أحد أهالي الغارقين لـ"الجديد": "هناك صعوبة بالتعرف على هويات بعض الجثامين "لإنهم مفحمين" وجثثهم محللة بالكامل". ونقلت "العربية" عن السلطات اللبنانية قولها إن أغلبية ضحايا قارب الهجرة المنكوب بلا أي أوراق ثبوتية. وكان أهالي مخيم نهر البارد قد عملوا على تجهيز عدد من المدافن، بانتظار وصول جثث ضحايا مركب الموت، ذلك أن عدداً كبيراً من الغرقى هم من سكان المخيم المذكور.
