Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


تفكك الطوائف اللبنانية: السُّنَّة والانتظار(٢)

يفتح ليبانون تابلويد ملف الطائفة السنية في العام ٢٠٢٤ في سياق "تفكك الطوائف".

الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤



اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

 أنطوان سلامه- بقيت الطائفة السنية في العام ٢٠٢٤ في دائرة الضياع وفقدان القيادة التي اختصرتها الحريرية السياسية في أهل البيت من رفيق الحريري الى سعد المنكفئ وبهاء الباحث عن موقعه في نادي الزعماء.

في التقليد، تتوزّع الزعامة السنيّة على المدن الكبرى من رياض الصلح الصيداوي الى رشيد كرامي الطرابلسيّ الى صائب سلام البيروتيّ، وفي كلّ الأحوال، تنفتح الساحة السنيّة في لبنان على موجات المحيط، من الحكومة الفيصلية في دمشق الى التيار الناصريّ في القاهرة وصولا الى الحركات السلفية في الرياض والكويت، لا تُفصل هذه الساحة عن تطورات الأمة الاسلاميّة ككل، في تياراتها واتجاهاتها ومدارسها.

حدث في العام ٢٠٢٤ اهتزازان عميقان: انسحاق حركة "الجهاد" في غزة نتيجة الضربات المتوحشة التي وجهتها إسرائيل الى القطاع ككل، والى القضية الفلسطينية بمعانيها التاريخية، والى قيادات حركة حماس المتفرّعة من الاخوان المسلمين، ولم يجذب يحيى السنوار، بصعود نجمه وبمقتله، الشارع السنيّ من الساحل الى البقاع وعكار بالقدر الذي انجذب فيه الى قيادات الشريف فيصل بن الحسين وجمال عبد الناصر والملك فهد وياسر عرفات.

 تحركّت الاستكانة السنيّة  في الحدث الثاني بانهيار نظام الأسد في سوريا من دون أن يكون الترحيب انفعاليّا بالقائد الإسلاميّ الجديد أحمد الشرع بما يشبه مظاهر التجمعّات الشعبية المؤيدة لجمال عبد الناصر في بيروت والمدن، أو الترحيب المدويّ بقيام الجمهورية العربية المتحدة في اتحاد مصري سوريّ قابل للتوسّع، أو "بإطلاق حرية العمل الفدائي" الفلسطيني كأولوية قومية، فأصرّ مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد على وحدة المصير بين مسلمي  لبنان والفلسطينيين بتأييده فتح جبهة الجنوب للفدائيين من دون أي ضوابط تفرضها المصلحة اللبنانية.

لم تفتح "عملية طوفان الأقصى" شهيّة السنة في لبنان الى المشاركة في الجهاد باستثناء اندفاع الجناح العسكريّ للجماعة الإسلامية – قوات الفجر- الى الانخراط في جبهة المساندة تحت راية حزب الله.

بقي الحاجز الإيرانيّ، أي المذهبيّ، عائقاً دون انخراط "السنية السياسية" في وحدة الساحات.

كشفت مشاركة قوات الفجر بالطريقة التي شاركت فيها في مساندة القطاع المهدّم، عن سوء تقدير وفهم الحساسيّات المتراكمة في الدائرة السنية بعد مشاركة حزب الله في الحرب السورية، فاهتزت الجماعة الإسلامية من الداخل نتيجة رفض الشارع البيروتي "الاستعراضات الميليشياوية" التي نفذتها في العاصمة، أو ظهورها كجماعة يحدّد حزب الله أجندتها العسكرية  قبل وبعد اغتيال إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو راعي قوات الفجر عسكرياً وأمنيّا.

لا يمكن مقارنة مشاعر سنّة لبنان تجاه فتح جبهة الجنوب العام ٢٠٢٤ بمشاعر فتح هذه الجبهة بعد النكسة، والسبب الواضح أنّ قاطرة الجبهة بعد العام ١٩٦٧ كانت سنيّة بامتياز بعكس ما جرى هذا العام.

سياسياً، بقي تيار المستقبل في "غيبوبة" ومعه الشارع العريض الذي يمثله.

ساد الحذر السنيّ في مقاربة التطورات الإقليمية في غزة وسوريا، ومحليا في الملف الرئاسيّ، تقدّم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان المشهد السياسيّ ولم يملأ الفراغ.

نجح تيار المستقبل في انسحابه من المسرح المضطرب في أمر واحد بأنّ زعيمه سعد الحريري لم يتحمّل مسؤولية الانهيار الكامل للدولة حين بادر حزب الله الى إمساك قرار الحرب والسلم فسبّب بكارثة، أو حين ترك الثنائيّ الشيعيّ يقود الانهيار الاقتصاديّ في حكومة حسان دياب السيئة.

 حاول الرئيس فؤاد السنيورة التعبير عن الموقف السنيّ بانفتاحه على بكركي والرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان، تحرّك " تكتل الاعتدال الوطني" وشخصيات سنية كفؤاد مخزومي وأشرف ريفي فلم يضغط التأثير السنيّ بما يكفي لإحداث ثغرة راجحة كتلك الثغرات التي حققتها قيادات سنية في أواخر عهد الرئيس كميل شمعون(ثورةال٥٨) وأواسط عهد الرئيس شارل حلو (رشيد كرامي واتفاق القاهرة) وبدايات عهد الرئيس سليمان فرنجية (التحالف مع عرفات).

بقي أداء قيادات أخرى على الهامش كفيصل كرامي وأسامة سعد وشخصيات متفرقة...ظهر السراي الكبير كجناح ضيافة في قصر "عين التينة" وضواحيه بما يخالف التقليد السنيّ في عزّ سطوة " المارونية السياسية" حين أعلن رشيد كرامي "اعتذاره عن تحمّل مسؤولياته"(١٩٦٩) لأنّه "ليس من المنطق ولا من المعقول أن يكون المرء مسؤولا عن شيء لا رأي له فيه، ومن باب أولّي، أن لا يتحمّل مسؤولية ما يختلف مع رأيه وتفكيره ومعتقده...".

في اللحظة التاريخية من التحولات الإقليمية الكبرى يبقى السؤال اللغز: ماذا تريد السعودية للطائفة السنية في لبنان وماذا عن صعود النجم التركي في سوريا؟

هل لا يزال اتفاق الطائف ضمانة المشاركة السنية في الحكم بعدما سحقته الوصاية السورية وطوّقه الثنائيّ الشيعيّ بأكثر من عُرف؟

غاب سعد الحريري عن الساحة في زمن الاشتعال، من حراك تشرين في وسط بيروت الى الانهيار النقدي وصولا الى الهزات الإقليمية، ولا توحي المؤشرات بانتعاش سياسيّ في تياره أو في التيارات الأخرى باستثناء حركة " الأحباش" النامية والآخذة بالتوسع خارج بيروت من دون أن تتحوّل الى قاطرة سنية في لبنان.

لطالما مالت الطائفة السنية الى التيارات الإقليمية لتحدّد موقعها في الداخل اللبنانيّ.

التزمت في العالم ٢٠٢٤ بمنهجية الوقاية والتحفّظ والحذر من الذلّة والضرر. ابتعدت عن التخاصم في محاولة لإيجاد دور لها كضرورة في الحراك الإقليميّ الممتد من السعودية الى تركيا وصولاً الى بيروت.

أولم يكن رياض الصلح همزة الوصل بين الشرق والغرب في احتدام الصراع العربيّ الصهيونيّ؟

وما كان دور قصر الحريري في قريطم الا ذاك الوصل بين العواصم من واشنطن وباريس الى الرياض ودمشق.

فهل تستعيد الطائفة السنية دورها في العام المقبل لتحقيق أمنية صائب سلام (١٩٨٩) في إعادة شرعية لبنان " وكيان دولته الى مكانها". 


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :54245 الجمعة ٢٧ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :51186 الجمعة ٢٧ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :50537 الجمعة ٢٧ / يناير / ٢٠٢٤