Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


الشيخ قاسم والتوابون: الدرس الغائب عن استحضار كربلاء

تتوالى ردود الفعل على الاطلالة الأخيرة لأمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم وتتقاطع عند أنّها فعل انتحار.

السبت ١٦ أغسطس ٢٠٢٥

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

 أنطوان سلامه- أصاب رئيس الحكومة نواف سلام حين استعمل كلمة " حرام" كمصطلح إسلامي في الردّ على امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي غالى في ربط حصرية السلاح بمفردات مذهبية كالتهديد "بخوض المعركة الكربلائية إذا لزم الأمر".

اتجه خطاب قاسم  نحو استدعاء الرمز الحسيني لإضفاء شرعية على فكرة "المغامرة السياسية".

قرأ البعض ذلك على أنّه تهديد بالانتحار الجماعي، لا بالانخراط في تسوية وطنية.

يستحق استدعاء كربلاء إلى الواقع الراهن مراجعة متأنّية، خصوصاً حين نقارن بين ما جرى قبل أربعة عشر قرناً وبين ما يُطرح اليوم من استعارات سياسية.

التوابون وندم الكوفيين:

بعد فاجعة كربلاء، ظهر في الكوفة تيارٌ أطلق على نفسه اسم "التوابين". كان هؤلاء من الذين خذلوا الحسين بن علي، أو قصّروا في نصرته، ثم أيقظهم ضميرهم بعد استشهاده. عاشوا عقدة الذنب والعار، فبحثوا عن وسيلة للتكفير.

فكّر البعض منهم  بالانتحار الفردي كأقسى أشكال الندم، فاصطدم هذا الطرح برفض واضح: الإسلام يحرّم الانتحار، لأنه يأسٌ من رحمة الله وتعدٍ على حقه في منح الحياة وسلبها .

حوّلوا ندمهم الى فعل مقاومة متجددة في معركة عين وردة ضدّ الجيش الأموي أي ضدّ جيش " عدوهم" الأصلي ولم يختاروا الانتحار أو الموت المجاني.

هنا، يكمن الفرق بين الشهادة الواعية التي تجسدها كربلاء، وبين الانتحار الذي يعبّر عن هزيمة داخلية.

فالحسين لم ينتحر، بل واجه حتى النهاية ليبقى المبدأ حيّاً.

والتوابون لم ينتحروا، بل فضّلوا المواجهة المسؤولة لاستعادة معنى الالتزام.

الدرس المعاصر:

حين يُستحضر كربلاء في خطابنا السياسي اليوم، ينبغي أن يكون ذلك استدعاءً لمعنى الصمود، لا لتبرير الانتحار.

يعني الصمود تحمّل المسؤولية والمراجعة والقدرة على تحويل الندم إلى عمل. أمّا الانتحار – سواء كان جسدياً أو سياسياً – فهو نقيض هذا الدرس.

ليست كربلاء رمزاً للهزيمة، بل عنواناً للأمل. وهي تدعوا المؤمنين بها، إلى التمييز بين المواجهة المسؤولة والانتحار العبثي. فكما رفض التوابون الانتحار رغم عاطفتهم الجارفة، على حزب الله أن يرفض اليوم تحويل الاستعارات الدينية إلى دعوة مقنّعة لليأس.

الخلاصة:

كانت كربلاء درساً في الصمود الواعي، لا في اليأس وانسداد الأفق كما ظهر الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير.

جسدّ التوابون الالتزام بالحق لا بقتل النفس ونحر الجماعة،تحمّلوا نتائج الموقف والعمل على تصحيح الأخطاء.

وإذا كان التاريخ يعيد نفسه بشكلٍ ما، فربما يكون الدرس الأهم هو أن الانتحار – مهما تنوّعت أشكاله – ليس طريقاً إلى النجاة، بل إلى العدم.


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :56309 السبت ١٦ / يناير / ٢٠٢٥
مشاهدة :53346 السبت ١٦ / يونيو / ٢٠٢٥
مشاهدة :52423 السبت ١٦ / يناير / ٢٠٢٥