نفتح حلقة جديدة من " تفكك الطوائف في لبنان" على رحاب الثنائي الشيعي في مظاهر توتراته بعدما فتحنا في الحلقة الماضية صفحة الموارنة في خياراتهم الصعبة.
السبت ٢٥ ديسمبر ٢٠٢١
أنطوان سلامه- تعيش "الشيعية السياسية" في لبنان، في عباءة تُعرف ب" الثنائية" أي حزب الله وحركة أمل، وتنمو هذه الثنائية في أسطورتين متناقضتين: الانتصار والحرمان. لا جدال في أنّ هذه الثنائية، وإن نفت، تتحكّم، وتحكم لبنان منذ العام ١٩٩٠،في زمن الوصاية السورية، وعهد السين السين، امتدادا الى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، مرورا بإنجاز التحرير، وصولا الى تبدلات جوهرية تتنوع في السلطتين التشريعية والتنفيذية، من أكثرية نيابية الى إمساك بمفاتيح مهمة في قصر بعبدا والسراي الكبير. ولا جدال أيضا، في أنّ قوة هذا الثنائي، تتخطى السلاح، لتطال التحالف الخارجي- الإقليمي، وشبكة الاتفاقات المحلية، والميثاقية التي يستغلها الثنائي كمدخل لنيل "مطالب" في النظام الطائفي اللبناني، وفي هذا الاطار تبدو " وحدة الموقف" بين الحزب والحركة فاعلة جدا. بحكم الواقع، وبعد حرب تموز، تراجع السلاح الى الساحات الخلفية، من سوريا الى اليمن، وإن حضر في شوارع بيروت والضواحي ، في المفاصل، الا أنّ سلاح الميثاقية يبقى الأقوى في هذه المرحلة، والدليل، شلّ البلاد تمهيدا لترئيس العماد ميشال عون، برغم معارضة الرئيس نبيه بري الذي تمسّك بوحدة " الحالة الشيعية"، وإن في شلّ مجلس الوزراء بعدما اختار الحزب الوقوف مع الحركة في مواجهة القاضي طارق بيطار. من يتابع الخطابات التي تصدر عن " البيئة الشيعية"، يشعر ب"التوتر" في خطب المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، والشيخ نعيم قاسم، والشيخ نبيل قاووق... تتويجا بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي سجّل مواقف " نارية" منذ حراك ١٧ تشرين... في تقاطعات هذه المواقف، أنّ "البيئة الشيعية" مستهدفة دوليا وخليجيا وعربيا ومحليا ، حصارا وتشويها وعقوبات، فلماذا يصعّد الثنائي انطلاقا من مخاوفه ، ولا يصعّد الآخرون، حتى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي(القلق) حين رفع السقف الى الدعوة لانعقاد مؤتمر دولي ، وطالب بالحياد، صاغ خطابه بلغة سياسية، وسردية في بنود...ولا تبتعد مواقف مفتي الجمهورية وشيخ العقل من التعبير السياسي التقليدي. لماذا هذا "التوتر" في الخطاب الشيعي مع أنّه يتضمن، أنّ حزب الله، قاطرة الشيعة حاليا، ينتقل من انتصار الى آخر، محليا وإقليميا، ودوليا. يبقى هذا السؤال بلا جواب خصوصا في المعطيات التالية: لا شك في أنّ قيادات الحزب مهددة أمنيا، خصوصا السيد نصرالله، لكن من سقط في شوارع بيروت كان من قيادات " السفارات" أي من القيادات التي تصطف خارج "جبهتي الممانعة والمقاومة الإسلامية ". لا شك في أنّ من يقرر، في السياستين الخارجية والداخلية، هو الحزب، والدليل خطابات وزراء الخارجية في المحافل العربية بعد العام ٢٠١١، وفي الداخل، لا تبصر حكومة النور من دون رضى الثنائي، حتى أنّ حكومتي حسان دياب ونجيب ميقاتي من "صناعة" شيعية بمظلة أوروبية. لا شك في أنّ الثنائي الشيعي يفتح علاقات قوية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والنظام السوري، ومجموعات فاعلة وناشطة في العراق واليمن والخليج صعودا الى افريقيا وآسيا وفي أوروبا والاميركيتين، ولا يزور مسؤول أجنبي وعربي بيروت الا ويلتقي الرئيس نبيه بري، ولا تنعقد "صفقة" في مبادرة غربية الا بموافقة الحزب. وفي الداخل، يتمدّد الثنائي الشيعي في تحالفات خارقة الطوائف خصوصا حزب الله في تحالفه مع التيار الوطني الحر والمردة، وفي علاقته "الدرزية" مع الارسلانيين، وفي قفزه فوق السياج السني باتفاقاته الضمنية مع القيادة الحريرية، ومع قيادات إسلامية في الشمال والجنوب وبيروت والبقاع. ويتوغل الثنائي الشيعي في الدولة العميقة، وتندرج علاقة الحزب مع الأجهزة الأمنية في اطار " التنسيق". هذا التنسيق الذي يدخل في دائرة الالتباس وسيطرة الثنائي على القرار الأمني الرسمي ، شجع الثنائي على الانتقال الدائم الى الشارع بالسلاح حين يعجز "فائق القوة" في الاستخدام في "مؤسسات الدولة" التنفيذية والتشريعية والقضائية " وفق مصالح "الشيعية السياسية"، فخرج المسلحون الى الشوارع، ترهيبا، في السابع من أيار العام ٢٠٠٨، في المربعات السنية في بيروت وفي المناطق الدرزية في الجبل، لكسر قرار " رسمي "بمصادرة شبكة اتصالات حزب الله وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت العميد وفيق شقير. مارس مسلحو الحزب أعلى درجات الانخراط في " حرب أهلية" في بيروت والجبل، لتعود حركة أمل لتنخرط في "ميني حرب أهلية ثانية" ردا على وصف رئيس التيار الوطني جبران باسيل، في لقاء شعبي "مغلق" الرئيس نبيه بري ب"البلطجي" وليس برئيس مجلس النواب، فظهر ما رد الحرب الداخلية في " كوع الكحاله" بعدما تجاوزت "غزوات الموتوسيكلات" الحدود، من تطويق أنصار حركة أمل المكتب المركزي للتيار الوطني الحر في ميرنا الشالوحي، واطلاق النار عليه، والى استفزاز الأحياء المسيحية تلويحا بالسكاكين ونزع صور قيادات، ما دفع وزير الداخلية نهاد المشنوق الى الطلب من باسيل الاعتذار بدل أن تمارس "الداخلية" صلاحية حفظ الامن، هذا المارد الذي برز في الكحاله لتجميد الانفلاش "الحركي" المسلح والذي باركه حزب الله رافضا "إهانة" بري، عاد ليظهر في عين الرمانة، بشكل دموي وخطير ، في "ميني ٧ أيار" كما وصفته القوات اللبنانية، في تظاهرة " المدججين بالسلاح" احتجاجا على أداء قاض في ملف التحقيق في انفجار المرفأ... ومورس فائض القوة في قمع "حراك ٧ تشرين" ولكن هذه المرة "برفع العصي" وهتافات شيعة شيعة شيعة... وتتكرر أمثلة " العسكرة" في كل مرة تعجز إرادة الثنائي في تمرير ما تريده في القنوات الشرعية، في مبادرات غير مسبوقة في إبراز السلاح كقوة "إقناع" أو "فرض". لا شك في أنّ المحادثات الأميركية- الغربية- الإيرانية في فيينا، تثير المخاوف لدى حزب الله، لكنّها تخلق حالة من "الهلع" عند أخصامه، في الخليج، وفي الداخل، انطلاقا من أنّ أي اتفاق أميركي إيراني، في حدّه الأدنى أو الأقصى، ستحصد منه طهران منافع إقليمية يستفيد منها الحزب. يبقى إسرائيل التي لم يخف منها الحزب ، لا سابقا ولا حاليا، طالما أنّه ، "مقاومة" في منظومته العلنية و"السرية"، وسجّل في مواجهتها "انتصارات" موثّقة باحتضان لبناني جامع. وعمّا يُحكى عن أنّ مصير سلاحه مطروح في "نادي الدول" فهذا واضح، لكنّ هذا السلاح ليس من أولويات المرحلة، ولا في قدرة الأطراف في الخارج وفي الداخل المُضيّ فيه لاعتبارات تتصل بالسلم الأهلي اللبناني. إزاء هذه الوقائع التي تصبّ في مصلحة الثنائي الشيعي، وغيرها الكثير، لماذا يعطي هذا الثنائي هذه الأهمية للقاضي طارق البيطار؟ مهما كان القرار الظني الذي سيلفظه هذا القاضي مسيئا للثنائي، فلن يكون بمستوى القرار الذي صدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي وجهّت أصابع الاتهام الى عناصر من الحزب في اغتيال الراحل رفيق الحريري. هذا القرار الصادر عن محكمة دولية امتصّه الحزب وكأنه لم يكن، ونال رضى " ولي الدم". لماذا هذا التوتر، طالما أنّ الثنائي في ذروة قوته في حين أنّ الطوائف اللبنانية الأخرى في أقصى انحدارها، فالموارنة في لحظة تفكك نتيجة غياب " المشروع" الجامع، واستنزاف الهجرة الهائلة، والسنة في ضعف قيادات وقاطرات وازنة، محليا وخارجيا، والدروز ك" الهنود الحمر" كما يقول وليد جنبلاط... لماذا هذا التوتر اذا؟ ربما هو الانهيار الذي يواجهه لبنان، لكنّ هذا الانهيار يطال الجميع. وإذا كان الحصار الدولي والخليجي يستهدف حزب الله فمن يدفع الثمن هم اللبنانيون. فعلا، يبعث السؤال عن توتر الثنائي الشيعي على الدهشة والاستغراب. فهل يندرج هذا التوتر بفعل وقوع الشيعة بين أسطورتين: أسطورة الانتصار والتخوف من تلاشيه، وأسطورة الحرمان المستمر في وجدان جماعي؟ مهما كانت التحديات الراهنة، فالشيعة في لبنان يتوغلون في تاريخه، منذ بدايات تكوّنه الطائفي التعددي، فكما الثنائية المارونية - الدرزية تتأصّل في جبل لبنان، يتجذّر الشيعة في جبل عامل، بعدما تمددوا شمالا وبقاعا ووسطا. وما عانوه من اضطهاد عاناه أيضا الموارنة والدروز، منذ العباسيين والمماليك، والعثمانيين... حتى في العصر الصليبي، عرف الشيعة كيف يهادنون، وكيف ينتفضون؟ فلماذا هذا التوتر الآن؟ هل هو طارق البيطار؟ نشك. ربما، يعود هذا التوتر، الى "الفشل" في قيادة وطن ومواطنين. قبلهم خسر الدروز الامارة. وبنى الموارنة، بعد العام ١٩٢٠ "مزرعة"، وإن جميلة(توصيف المزرعة لمعارضي المارونية السياسية). وأهدر السنة فرصة البناء على صخرة، في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وها هم الشيعة اليوم يخسرون فرصة بناء " دولة " مدنية كانت، أو منزوعة " الطائفية السياسية". وفي كل الأحوال، لا ينفع مئة ألف مقاتل بتأسيس وطن، فالوطن لا يُبنى على الأساطير وقواها، ولا يُبني على قاسم مشترك يتأقلم فيه "الانهيار" و"التفكك" ، وعلى أمال مشتركة تجمع "المواطنين" في طلب الهجرة الى أيّ مكان خارج " الوطن- المعتقل". لا ينمو في المعتقل الا الخوف والتفكير في طريقة للهرب الى خارج الأسوار . أوليس هذا ما يجمع (اليوم) اللبنانيين ، ضمنا الشيعة؟ تبقى أسئلة أخرى من خارج الآنية. أي لبنان يريده " الثنائي الشيعي" بعدما ضاع الخط الفاصل بين مطلبهم في "الغاء الطائفية السياسية" وبين مباركة ذاك الصراخ الجماهيري"شيعة شيعة شيعة"؟. ماذا عن الدولة المدنية؟ يُحكى في العراق عن "الزامية" أن يستند كل شيعي في مواقفه على مبادئ الفقه الشيعي، متدينا كان أم علمانيا، هذا في النظرية، وفي الواقع يشير "مراقبون" الى أنّ شيوعيين عراقيين كثر قدموا انتماءهم الطائفي على الحزبي (الدين أفيون الشعوب) فيعددون "أجمل القصائد" التي قيلت برثاء الامام الحسين بأقلام شيوعية، وحين صدرت فتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد محسن الحكيم بتكفير الشيوعية العام ١٩٦١ فكّ " أغلب" الشيوعيين الشيعة ارتباطهم بالحزب استجابة... وماذا عن الإسلام؟ الى أي حد تستطيع " الشيعية السياسية" ترسيم حدود فاصلة مع " ولاية الفقيه" بعدما بقي الالتباس يغلّف طويلا مواقف " مؤسس "الصحوة الشيعية" في لبنان الامام موسى الصدر الذي ضاعت صورته الحقيقية بين "السلاح زينة الرجال" وبين صوره في "الكنائس والاعتصامات وخطابات نبذ الحرب الاهلية ونصرة المستضعفين مسيحيين ومسلمين"، وبين ميله الى حركات شيعية عراقية المنبع، ساهم في اطلاقها السيد محسن الحكيم (النجف)وحزب الدعوى(مؤسسه السيد محمد باقر الصدر). وهناك سؤال آخر؟ ماذا تريد الشيعية السياسية من لبنان كدور عام وكدور خاص في الدائرة الإسلامية خصوصا بعد الثورة الإسلامية في ايران(١٩٧٨) وإعلان الخميني انتفاء الحاجة الى التقية بعد اعلان دولة الامام المهدي طارحا نفسه نائب الامام؟ وماذا عن خط السيد محمد حسين فضل الله الذي نظّر لحركة إسلامية عالمية منطلقها لبنان، وعن توجه الامام محمد مهدي شمس الدين الساعي لتطوير علاقة الشيعة بالجماعات الإسلامية الأخرى في اطار دول أو مناطق، وعارض ولاية الفقيه داعيا الى ولاية كل أمة على نفسها؟ فماذا عن إطاعة نائب الامام؟ وماذا عن نظام "لبنان الكبير"؟ ماذا عن هويته ، وموقعه، ودوره، ودولته في دستورها الوضعي ؟ ماذا عن الائتلاف الوطني من ضمن النظام العام؟ ماذا عن "الانصهار الوطني" الذي يشكل مصطلحا في خطاب "الشيعية السياسية". والانصهار قاموسا هو التذويب بالحرارة... أي بالقوة!
تمرّ ذكرى الاستقلال كذكرى ماضية في الوطن المنكوب.
سجّل الموفد الأميركي أموس هوكستين مفاجأة في جولته اللبنانية بلقائه الرئيس ميشال عون وسمير جعجع.
نشرت وكالة رويترز تحقيقا بعنوان "وسط محادثات الهدنة.. الجيش اللبناني محاصر بين أزمات السياسة والتمويل".
لا تزال زيارات القيادات الإيرانية الى لبنان تزامناً مع مداولات وقف اطلاق النار تثير التساؤلات.
التقط المصوّر اللبناني نبيل اسماعيل ابتسامات معبّرة للسيد لاريجاني في بيروت.
تواصل اسرائيل حربها ضدّ حزب الله رافعة شروطاً قاسية لوقف اطلاق النار.
ذكرت صيفة Detroit free press أنّ الرئيس دونال ترامب وقّع بياناً تعهد فيه احلال السلام في الشرق الأوسط.
يواكب اللبنانيون حركة فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية بحذر تزامنا مع غياب المبادرات الوطنية للخروج من "نكبة" الحرب.
أكد المرجعية الشيعية العالمية في النجف الأشرف السيد علي السيستاني على أحادية السلاح للدولة العراقية.
برزت في الساعات الماضية انتقادات من مقربين من الرئيس نبيه بري لبكركي والاشادة بوليد جنبلاط.