بعدما توسط الأميركيون لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل مقدمة لاستخراج النفط والغاز، يُطرح السؤال: ماذا عن الثروات الأخرى؟
الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠٢٢
جو متني- في الاجتماعات التي عقدها الوسيط الأميركي آموس هوكستين الأسبوع الماضي في بيروت، سمع من رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون تمسّك "لبنان بحقوقه السياديّة في المياه والثروات الطبيعيّة"، ومن رئيس المجلس النيابي نبيه بري "الحرص على استخراج لبنان ثرواته والحفاظ على الاستقرار." وتبلّغ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التأكيد أن " مصلحة لبنان العليا تقتضي البدء بعملية التنقيب عن النفط من دون التخلّي عن حقّ لبنان بثرواته كافّة." ثمّ حرص المسؤولون الثلاثة أمام هوكستين على "استمرار الوساطة الأميركيّة." يُدير الموفد الآتي من واشنطن المفاوضات الثُنائية غير المُباشرة بين لبنان واسرائيل. نزاهته وحياديّته قد تكونا موضع شكّ. ولكنّ ليس بيدِ بلدٍ صغير مثل لبنان حيلةً تجاه القوّة الأعظم في العالم. ولمّا تتعلّق الأمور بأمرَين استراتيجيَّين لواشنطن، وهما مصلحة اسرائيل ومصالحها النفطيّة، يصبح الأميركيّون معنيّين أكثر بنتائج التفاوض الثنائي ويُحوِّلونه إلى ثلاثي الأبعاد والركائز. غير أن اشراف الوسيط على العمليّة التفاوضيّة بالنيابة عن الطرفَيْن، مع إبقاء بلاده خلف الستارة، لم يدفع بوتيرتِها إلى الأمام، يتنقّل خلالها بزيارات مكّوكيّة بين بعبدا والقدس المحتلّة. فالأميركيّ يعرف معيار نجاح التفاوض المرسوم المُحدَّد على سقف الرضى الاسرائيلي على نتائج ترسيم الحدود البحريّة المُتنازع عليها. بعد مغادرة هوكستين الأراضي اللبنانيّة من دون التوجّه إلى اسرائيل لنقل الموقف اللبناني ومن دون الكشف عن موعد زيارته لها، عقد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال الدكتور وليد فياض اجتماعاً مع عدد من السفراء وممثّلي الأسرة الدولية في لبنان عرض فيه واقع قطاع المياه والمشاكل التي تواجه اللبنانيّين على هذا الصعيد. لاحظ مراقب مطّلع أن مهمّة هوكستين الأساسيّة هي حلّ مشكلة الحدود البحريّة، فلماذا تمسّك المسؤولون اللبنانيّون أمامه بحقّ لبنان بثرواته الطبيعيّة والمائيّة كلّها؟ فإذا كانت موضع نزاع أيضاً مع العدوّ الاسرائيلي، فلماذا لا تُطرح المسائل الخلافيّة دفعة واحدة ومن دون تقسيطها على مراحل؟ فضلاً عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلّة؟ أليس من الأفضل للبنان نزع مسبّبات أي نزاع مستقبليّ على حدوده الجنوبيّة، وينعم بالسلام وأبناؤه بالهدوء والاستقرار؟ إلّا إذا كان المطلوب بقاء لبنان ساحة مستباحة للصراعات في الشرق الأوسط، وساعي بريد وحامل رسائل وناقلها بين أطراف هذا النزاع؟ كان يُحكى عن الأطماع الاسرائيليّة بثروة لبنان المائيّة قبل أن يُشتمَّ بوجود الغاز والنفط، وملهاة البلوكات، والخطوط الافتراضيّة بين 23 و29، ومجيء الشركات الروسيّة والايطالية والفرنسية، ومن ثمّ فتح شهيّة الشركات الأميركيّة والايرانيّة على الحقول البحريّة والساحليّة اللبنانية. وكان يتردّد أن لبنان قابع على قصر من المياه، لا مثيل لثروته الطبيعيّة الممكن استثمارها وجرُّها وتعبئتها ( مياه الشفة ) ونقلها إلى دول الخليج والجوار. وهي بمثابة النفط الأسود أو أغلى منه. وبدلاً عن ثروات البترودولار، ينعم لبنان بثروات الأكوا دولار Aquadollar. في ذلك الحين، كانت اسرائيل متربّصة بمياه الليطاني. وقيل الكثير عن سحبها المياه من جوفَيْ الحاصباني والوزّاني، ومدّها القنوات لجرّ المياه منهما تحت الأرض. وليس محسوماً إذا نفّذت مشروعها هذا أو لا. وفي حين أعلى اللبنانيّون صوتهم رافضين التعدّي على ثروة لبنان المائيّة، بدأت الأمم المتحدة والمنظّمات الدولية التابعة لها، بتسويق فكرة تقاسم المياه بين الدول الأغنى بالأنهر والينابيع والبحيرات والدول التي تعاني من الجفاف وندرة المياه وانتشار الصحاري. رحّبت اسرائيل بهذه الفكرة وتبنّتها. إلى أن عقد في آذار العام 2000 المنتدى العالمي الثاني للمياه في لاهاي في هواندا. شارك 114 وزيراً و15 ألف شخصيّة بالنقاشات. مثّل لبنان وزير الموارد المائية والكهربائية القاضي المرحوم سليمان طرابلسي الذي واجه وزير التعاون الاسرائيلي في حينه شمعون بيريز المشارك في المنتدى والذي أصبح في ما بعد رئيساً لكيان العدو. ردّ طرابلسي على بيريز عبر رئاسة المنتدى، رافضاً الأطماع الاسرائيليّة في موارد لبنان المائيّة. واحتلت كلمته عناوين المانشيتات في الصحف اللبنانية والهولنديّة والاسرائيليّة على أهميتها وعلى جسارته في المواجهة. ثبات الطرابلسي على موقفه الوطني والواضح، انتزع من بيريز موقفاً مسجّلاً في محاضر المنتدى وفي الاعلام: " ليس لاسرائيل أي رؤية لمياه الليطاني أو للموارد المائية الأخرى في لبنان. ولا ننوي الاحتفاظ بشبرٍ واحد من الأرض اللبنانية بعد الانسحاب بحلول تموز المقبل. لا نريد مياهاً لبنانية ولا أرضا لبنانية." تحدّث اعلان لاهاي المستمرة مفاعيله حتى يومنا هذا عن ملكية موارد المياه وإمكانات تنميتها ونماذج إدارتها وتمويلها وتأثيرها على الفقر والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية. وحدّد الإعلان الأولويات التالية: تلبية الاحتياجات المائية الأساسية ، تأمين إمدادات المياه، وحماية النظم البيئية، تقاسم موارد المياه، إدارة المخاطر، تقييم أسعار المياه، وإدارة المياه بشكل أكثر حكمة. القدرة على التفاوض الممهورة بالديبلوماسية والشدّة والحزم والحنكة وهو ما تحلّى به الوزير الراحل طرابلسي في منتدى لاهاي، جعلت لبنان يتفوّق على عدوّه في منتدى عالمي وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي. متى تمّ اقفال ملفّ حقلَي كاريش وقانا، حبّذا لا يُفتح ملف الليطاني والحاصباني والوزاني، بموازاة أبواب مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المشرّعة...
تقدم ملف حصرية السلاح على ما عداه من ملفات مطروحة على العهد والحكومة.
استهداف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة، كعمل إرهابي، يحمل انعكاسات سياسية واجتماعية وأمنية عميقة على المسيحيين في سوريا ولبنان.
على هامش التسابق الى اعلان الانتصارات في المواجهة الاسرائيلية الايرانية يمكن الجزم بأنّ لبنان سجل انتصارا بتحييد نفسه.
تصاعدت التساؤلات بشأن موقع حزب الله بعد الزلزال الإقليمي فهل انتقل من الهجوم الى الدفاع المنكفئ؟
بدأت تطرح أسئلة كبرى بعد اعلان وقف اطلاق النار في الاقليم، من الرابح والخاسر، والاقليم الى أين في ظل موازين قوى جديد.
فرضت الضربة الاميركية على المفاعلات النووية الايرانية موازين قوى جديدة في الاقليم والعالم.
ضربت القوات الأميركية ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، وحذر الرئيس ترامب من هجمات أعنف إن لم توافق طهران على السلام.
اندفع حزب الله في الساعات الماضية باتخاذ مواقف من المواجهة الاسرائيلية الايرانية بعكس توجهات السلطة اللبنانية.
تتقدم المواجهة المفتوحة بين ايران واسرائيل الى مربعات جديدة والعالم يترقب.
لم تتضح صورة ما ستؤول اليه الحرب الاسرائيلية على ايران لكن لا بد من استرجاع صورة النكسة بعد حرب العام ١٩٦٧.