يُنكر يتقدّم نزع السلاح جنوب الليطاني بهدوء، فيما تحاول الدولة تثبيت الأمر الواقع من دون صدام.
الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠٢٥
المحرر السياسي-أعاد تصريح رئيس الحكومة نواف سلام، الذي أعلن فيه اقتراب لبنان من إتمام نزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني وجهوزية الدولة للمرحلة الثانية (شمال نهر الليطاني) ، فتحَ واحدة من أكثر القضايا حساسية في الحياة السياسية والأمنية اللبنانية: سلاح الحزب، وحدود سلطة الدولة، والتفسير العملي لاتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل. التصريح الصادر عن الرئيس سلام في ظل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المدعوم أميركيًا والموقّع في تشرين الثاني 2024، لا يمكن التعامل معه كخبر تقني، عابر، أو إجراء أمني معزول، بل يشكّل مؤشرًا سياسيًا على تحوّل يجري بهدوء في الجنوب اللبناني، بعيدًا من الضجيج الإعلامي، لكنه بالغ الدلالة. معارضة معلنة… وتسليم فعلي منذ سنوات، يرفض حزب الله في خطابه السياسي مبدأ "نزع السلاح"، ويقدّم هذا الرفض باعتباره موقفًا مبدئيًا مرتبطًا بوظيفة "المقاومة" وبالصراع مع إسرائيل. غير أن ما يجري ميدانيًا جنوب الليطاني يكشف مسارًا مختلفًا: انسحاب من مواقع متقدمة، تفكيك بنى عسكرية ظاهرة، وتسليم زمام السيطرة الأمنية للجيش اللبناني بالتنسيق مع قوات "اليونيفيل." بهذا المعنى، يمكن القول إن الحزب، من دون إعلان سياسي صريح، ينفّذ عمليًا أحد أكثر بنود اتفاق وقف الأعمال العدائية حساسية. الفارق بين الخطاب والممارسة هنا ليس تفصيليًا، بل يعكس محاولة مدروسة للفصل بين الجمهور الداخلي، الذي لا يزال يُخاطَب بلغة الرفض، وبين متطلبات التسوية التي فرضتها موازين القوى بعد الحرب. جوهر الخلاف: تفسير الاتفاق لا مبدأ التنفيذ الخلاف القائم اليوم لا يدور حول مبدأ الانسحاب من جنوب الليطاني بقدر ما يتمحور حول سقف هذا الانسحاب وحدوده السياسية والأمنية. فحزب الله يصرّ على توصيف ما يجري بوصفه "إعادة تموضع" محكومة باتفاق وقف الأعمال العدائية، لا تسليمًا للسلاح ولا اعترافًا بحصرية الدولة للسلاح على المستوى الوطني. في المقابل، ترى الحكومة اللبنانية أن الاتفاق يشكّل فرصة لإعادة تثبيت سلطة الدولة على واحدة من أكثر المناطق حساسية، وأن نجاح هذا المسار قد يشكّل مدخلًا تدريجيًا لمعالجة أوسع لملف السلاح، من دون الذهاب إلى صدام مباشر يهدد الاستقرار الهش. من السلاح إلى السياسة: التجارب المقارنة ما يجري مع حزب الله جنوب الليطاني لا يخرج، في جوهره، عن مسارات عرفتها حركات مسلحة أخرى في لحظات التحوّل الكبرى. ففي إيرلندا الشمالية، رفض الجيش الجمهوري الإيرلندي لسنوات أي حديث عن تسليم السلاح، قبل أن يقود اتفاق الجمعة العظيمة عام 1998 إلى عملية تدريجية "لإخراج السلاح من التداول"، نُفّذت بهدوء ومن دون إعلان لحظة كسر خطابية، فيما تحوّل "شين فين" إلى قوة سياسية فاعلة داخل مؤسسات الدولة . وفي كولومبيا، سلكت حركة “فارك” مسارًا مشابهًا، حيث جرى تقديم الاتفاق مع الدولة على أنه انتقال للنضال من البندقية إلى السياسة، لا استسلامًا. تسليم السلاح كان تدريجيًا، مراقَبًا دوليًا، ومرتبطًا بضمانات سياسية وأمنية، ما سمح للحركة بالحفاظ على قاعدتها الشعبية أثناء تحولها إلى حزب سياسي. أما في جنوب أفريقيا، فقد جرى تفكيك الجناح المسلح للمؤتمر الوطني الأفريقي ضمن تسوية تاريخية أنهت نظام الفصل العنصري، من دون تقديم الخطوة بوصفها هزيمة، بل كجزء من انتقال شامل إلى السلطة عبر الديمقراطية. حتى في النيبال، خرج الماويون من الحرب الأهلية عبر نزع تدريجي للسلاح مقابل إدماجهم في العملية السياسية والدستورية، مع الحفاظ على خطاب يؤكد "تحقيق الأهداف بوسائل جديدة". لبنان: حالة انتقال مؤجَّل ما يميّز الحالة اللبنانية أن هذا الانتقال لا يزال جزئيًا ومجتزأً، ومحكومًا بسقف جغرافي (جنوب الليطاني) واتفاق أمني محدّد، لا بتسوية وطنية شاملة. لكن من حيث المسار، فإن ما يجري اليوم يشبه المراحل الأولى لتلك التجارب: تنفيذ ميداني صامت، مقابل خطاب سياسي متحفّظ. في هذا السياق، يمكن قراءة سلوك حزب الله لا بوصفه تنازلًا مجانيًا، بل تكيفًا مع واقع جديد فرضته الحرب، والضغوط الدولية، وتبدّل أولويات الحلفاء الإقليميين. وهو تكيف يفضّل الإنجاز الهادئ على الإعلان الصاخب، تمامًا كما فعلت حركات مسلحة أخرى سبقت لبنان إلى هذه العتبة. نواف سلام وخطاب الدولة يأتي تصريح نواف سلام ليكرّس هذا الواقع من موقع الدولة، لا من موقع المواجهة. فهو يعلن التقدم المحقق جنوب الليطاني بوصفه إنجازًا سياديًا تدريجيًا، لا قرارًا انقلابيًا. خطاب يحاول تثبيت الأمر الواقع سياسيًا، وربطه باستعادة ثقة المجتمع الدولي، في وقت بات فيه أي دعم اقتصادي أو مالي مشروطًا بمدى التزام لبنان بتعهداته الأمنية. تسليم بلا إعلان… ونقاش مؤجَّل ما يحدث جنوب الليطاني اليوم يمكن توصيفه بأنه تسليم للسلاح من دون إعلان، وتنفيذ للاتفاق من دون اعتراف خطابي كامل. وهو نموذج لبناني بامتياز: تسويات تُنفّذ بصمت، فيما يُترك النقاش السياسي الكبير إلى وقت لاحق. لكن السؤال الذي يفرض نفسه يبقى: هل يبقى هذا المسار محصورًا جنوب الليطاني، أم يتحوّل، مع الوقت، إلى مدخل لنقاش وطني أوسع حول احتكار الدولة للسلاح؟ هنا، تحديدًا، سيكون الامتحان الحقيقي للدولة اللبنانية، ولحزب الله، في المرحلة المقبلة.
تتأرجح قراءة قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع:بين كسر المحظور وإعادة تعريف الخسارة.
دخلت سوريا مرحلة جديدة باستهداف الأميركيين مباشرة مواقع داعش مع توقعات باستمرار العملية.
تستثمر إسرائيل الغاز جيوسياسياً في مقابل عجز لبنان عن تحويل ثروته البحرية إلى قوة اقتصادية وسياسية في شرق المتوسط المتحوّل.
تتحرّك الدبلوماسية السعودية على خطّ بيروت–طهران–واشنطن لرسم مخارج سياسية للصراع الاقليمي الواسع.
يتناول الأستاذ جوزيف أبي ضاهر ملامح مما يصفه ب "لبنان في قلوب الكبار".
تفاجأ من التقى الموفد الفرنسي إيف جان لودريان بأنّه لم يبادر بل سأل واستمع.
يعيش لبنان لحظة مفصلية تحددها المسارات المتناقضة بين الحرب والتفاوض.
يستعيد الاستاذ جوزيف أبي ضاهر صورة البطريرك المعوشي بين المرحبين به في البسطا.
شكّل تعيين السفير سيمون كرم لتمثيل لبنان في لجنة الـ ميكانيزم إشارة واضحة إلى بدء المسار التفاوضي مع إسرائيل.
كتب الاستاذ جوزيف أبي ضاهر نصاً مستوحى من زيارة البابا الى عنايا.